رغم غلافه الجوي الرقيق.. الرياح قد تكون أفضل مصدر للطاقة على المريخ | علوم
تمكن الباحثون من تحديد 13 منطقة جديدة تتمتع بإمكانيات جيدة لموارد الرياح. وأكدوا أن 10 مواقع هبوط محتملة حددتها ناسا تتوافر لديها رياح كافية لتوليد الطاقة.
ما هي أفضل المصادر التي يمكن أن تؤمن الطاقة بشكل مستمر للمستوطنات البشرية التي يمكن أن تقام على المريخ في المستقبل؟ وبحسب دراسة جديدة فإن طاقة الرياح تعد الأفضل رغم الكثافة المنخفضة للغلاف الجوي لهذا الكوكب الأحمر، والتي لا تمثل سوى 1% من مثيله على الأرض.
واستخدمت الدراسة -التي نشرت مؤخرا بدورية “نيتشر أسترونومي” (Nature Astronomy)- نموذجا لمحاكاة مناخ المريخ طورته وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ووجدت أن الرياح في بعض المناطق من الكوكب يمكن أن توفر، سواء بمفردها أو باستخدامها مع الطاقة الشمسية، طاقة كافية لتشغيل مستوطنة من 6 أفراد على مدار الوقت.
البحث عن مصدر مناسب للطاقة
يعتمد نجاح مهمة مأهولة إلى المريخ في المستقبل على العديد من العوامل بما في ذلك اختيار الموقع. وقد ركزت الأبحاث العلمية السابقة على دراسة أهمية الموقع من حيث الوصول إلى الموارد الطبيعية، بما في ذلك توافر المياه أو المأوى، ولم تأخذ بالضرورة في الحسبان قدرات توليد الطاقة في المواقع المحتملة.
ودرس الباحثون استخدام الطاقتين الشمسية والنووية كمصدرين محتملين للطاقة على المريخ. غير أن الأنظمة الشمسية المستخدمة حاليا تفتقر إلى القدرة على تخزين الطاقة لتعويض عدم الانتظام الناتج عن التغيرات اليومية والموسمية. كما أن الطاقة النووية تنطوي على مخاطر إشعاعية تعرض أفراد البعثة للخطر.
في المقابل، لم ينظر العلماء إلى رياح المريخ على أنها مصدر طاقة قابل للاستخدام نظرا إلى أن كثافة غلافه الجوي منخفضة جدا ولا تتيح للرياح التي تهب على الكوكب إنتاج كميات كبيرة من الطاقة مثل تلك التي تنتجها الرياح على الأرض.
أقل قوة لكنها مفيدة
في هذه الدراسة الجديدة، فند الباحثون هذه الفكرة وأظهروا أن الرياح في بعض المناطق على سطح المريخ يمكن أن تكون قوية بما يكفي لإنتاج الطاقة رغم الكثافة المنخفضة للغلاف الجوي هناك.
وبحسب تقرير نشر على موقع “إي أو إس دوت أورغ” (Eos.org) في التاسع من فبراير/شباط الجاري، فإن الباحثين توصلوا إلى أن الرياح يمكن أن تعمل مع موارد الطاقة الأخرى -مثل الطاقة الشمسية- لتوفير الطاقة التي تحتاجها المستوطنات البشرية على الكوكب الأحمر في المستقبل.
واستخدم الباحثون نموذجا طورته “ناسا” يحاكي أنماط الرياح وقوتها عبر المريخ وتغيراتها اليومية والموسمية، ويعتمد على بيانات الخرائط الطوبوغرافية والتخزين الحراري وتفاعل الغلاف الجوي مع السطح.
وأظهر النموذج أن طاقة الرياح على سطح المريخ تبلغ ذروتها في خطوط العرض الوسطى والقطبين، خلال فصل الشتاء وفي الليل وأثناء العواصف الترابية، بسبب التباين في درجات الحرارة الذي يخلف دوامات قطبية قوية.
وتتشكل الرياح المنحدرة القوية بشكل خاص على طول حواف الفوهات وأسفل المرتفعات البركانية، على غرار نسمات الجبال والأودية على الأرض، كما تقول فيكتوريا هارتويك المؤلفة الرئيسية للدراسة وأحد أعضاء فريق البحث في مركز أبحاث “ناسا أميس” (NASA Ames Research Center) حيث جرى تطوير نموذج المحاكاة.
المزيد من الفرص
وقد تمكن الباحثون من تحديد 13 منطقة جديدة تتمتع بإمكانيات جيدة لموارد الرياح. وأكدوا أن 10 مواقع هبوط محتملة حددتها “ناسا” تتوفر فيها رياح كافية لتوليد الطاقة.
وبعض هذه المناطق تم استبعادها سابقا بسبب عدم توفر الطاقة الشمسية بشكل كاف، وهي تقع في خطوط العرض الوسطى والأقطاب وقريبة من رواسب الجليد الجوفية التي يمكن أن توفر موارد قيمة لمهمة بشرية.
وسيتيح استخدام مزيج من توربينات الرياح والمصفوفات الشمسية -وفق تقرير نشره موقع “فيزيكس وورلد” (Physics World)- تزويد البعثات المأهولة في المستقبل إلى المريخ بالطاقة بشكل مستمر.
كما يمكن لطاقة الرياح أيضا أن تحدث ثورة في كيفية حصول البشر على الطاقة في أماكن أخرى من النظام الشمسي مثل قمر تيتان التابع لزحل، والذي يتميز بغلاف جوي كثيف وعاصف.
ومع تحديد المزيد من مواقع هبوط المريخ المحتملة، يمكن أن تتضمن الدراسات المستقبلية عمليات محاكاة عالية الدقة بهدف فهم أفضل لكيفية تأثير التضاريس والظروف السطحية المحددة على الرياح.
ومع ذلك، لا يزال هناك عمل متعدد التخصصات يتعين القيام به، خاصة من وجهة نظر الطيران والهندسة، لتحديد الكفاءة التشغيلية والجدوى التقنية، كما تقول هارتويك.