مسلسل ياباني يحبط الأمهات.. هل تأخرتِ في دعم استقلال طفلك؟ | مرأة
طرحت شبكة “نتفليكس” (Netflix) أولى حلقات مسلسل الواقع الياباني “أصبحنا كبارا” (Old enough)، في مارس/آذار 2022، بعد 30 عاما من بثه غير المنتظم على شبكة تلفزيون “نيبون” (Nippon TV) اليابانية.
راقب طاقم التصوير أطفالا يؤدون مهام تعلمهم باستقلالية وحسن تصرف، وهما أمران تشجّع عليهما الثقافة اليابانية في سن مبكرة.
معظم أبطال المسلسل تجاوزت أعمارهم الثلاث سنوات، يخرجون من المنزل بمفردهم أو بصحبة أخ أو صديق، ويؤدون مهماتهم، بينما يراقبهم طاقم التصوير طوال الرحلة، إلى جانب طاقم الأمن، متنكّرين جميعهم في زي عمال كهرباء.
كانت خدمة أفراد الأسرة هدفا ثابتا لكل مهمة، بغرض تعليم الطفل مفهوم المشاركة والمساعدة؛ لذلك كانت غالبية المهمات عبارة عن رحلة إلى السوق المحلي لشراء البقالة، أو إهداء الجدة بعض المؤن.
تتراوح مدة الحلقة بين 10 و15 دقيقة، وتتخلّلها أحداث عاصفة يواجهها الطفل وحده، منذ مرحلة إقناعه، وهزيمة مخاوفه، ثم نسيان تفاصيل المهمة، والعودة خائبا، إلى أن ترسله الأم مرة أخرى لاستكمال مهمته.
مر الأطفال في الحلقات بمواقف للمرة الأولى؛ كالسير وحدهم في الشارع، وركوب الحافلة، والتعامل مع الغرباء، وتهدئة روع إخوانهم الصغار في بعض الحلقات، وتصحيح الأخطاء بأنفسهم.
مع ذلك، كان خوف الآباء والأمهات أكبر من خوف أطفالهم، لكنه خوف مكتوم، تدير فيه الأم ظهرها لطفلها، كي لا يلاحظ قلقها، بعدما زوّدته بنصائحها الثمينة.
هل أخطأتِ بحق طفلكِ؟
صار قلق الأهل أكثر مشاهد المسلسل إقناعا وإثارة للجدل، وتفرّق المتابعون حول سبب عجزهم عن تطبيق التقليد الياباني في وطنهم؛ فهل يتبعون أسلوب تربية يعوق استقلال الطفل أو أن البنية التحتية في بلدهم لا تناسب الأطفال أم يخشون ارتفاع معدلات الجريمة، وانتشار السلاح؟
قد تكون الإجابة بـ”جميع ما سبق” محبطة نوعا ما، غير أن مجلة “تايم” (Time) الأميركية اعتبرت أن هناك سببا رئيسا يجعل تطبيق فكرة المسلسل خارج اليابان مخاطرة؛ فبالإضافة إلى أن أطفال المسلسل كانوا مصحوبين بطاقم أمن، ينخفض معدل الجريمة انخفاضا استثنائيا في اليابان.
ووصف هيرونوري سلات، أستاذ تخطيط النقل، في جامعة طوكيو، شبكة الطرق اليابانية بأنها آمنة للأطفال الذين يتجوّلون وحدهم، خصوصا أن هؤلاء يذهبون إلى مدارس الحي سيرا كل يوم.
يشبه التفسير السابق وجهة نظر أمهات الريف في الدول العربية؛ فعبّرت المصرية جيهان للجزيرة نت عن اطمئنانها لتربية الأطفال في إحدى القرى، على الرغم من افتقاد طفلتها أماكن لعب واسعة، أو نظاما تعليميا أفضل، لكن “لا يزال أهل الريف بخير”.
أجبرت الظروف جيهان على الخروج إلى الشارع مبكرا، فإما إلى مركز تحفيظ القرآن، وإما لتوزيع الخبز على خالاتها، ومرّت طفولتها بأمان، ما دفعها إلى إعادة التجربة مع طفلتها، التي تحفظ عنوان المنزل، ورقم الهاتف، واسم الأم والأب، وتذهب إلى رياض أطفال، في الشارع المجاور للمنزل، بصحبة أطفال العائلة.
يظهر أثر اختلاف البيئة عند مقارنة أطفال الريف بالمدينة داخل مصر؛ فقالت منّة للجزيرة نت إن ابنتها أحبّت المسلسل الياباني، لكن عندما سألتها عن رغبتها في تنفيذ مهمة بمفردها، رفضت خشية تعرّضها للاختطاف. تعي منّة أن خوف ابنتها كان بسبب تحذيراتها المتكرّرة من الغرباء، إلى أن بلغت ابنتها 5 سنوات، ولا تزال تخشى النوم بمفردها، أو الانتقال بين غرف البيت ليلا.
هل آن أوان الاستقلال؟
صارت الإجابة عن سؤال “متى ينبغي ترك الطفل ليكتشف العالم بمفرده؟” أكثر إلحاحا، بعدما تابعنا أطفالا يابانيين يجوبون الشوارع بأمان.
يقول جوشوا ويلر، أستاذ علم نفس المخاطر في جامعة “ليدز” البريطانية، في تقرير لموقع “بي بي سي” (BBC)، إن الأطفال يفشلون في اكتشاف المخاطر الأساسية، في كثير من الأحيان، ويستمر فشلهم حتى فترة المراهقة، لكن يمكن تفادي ذلك بتعليم الطفل مهارة تقييم المخاطر تقييما عقلانيا.
وتختلف أساليب تدريب الطفل وفق مرحلته العمرية، فيتعلم الطفل بالتجربة، وأكد ويلر أن تلك التدريبات لن تكون كافية للحفاظ على سلامة الطفل، إذ كشفت الاختبارات أن العقل النامي للطفل، تحت سن 10 سنوات، قد يكتشف الخطر، لكن يتأخر استيعابه له. لذا، نصح ويلر الأمهات بتعليم أطفالهن قواعد السلامة على الطرق، والتعامل مع الغرباء، وتطبيق القواعد كل مرة، إلى أن يطبّقها من دون الحاجة إلى تذكيره.
كذلك نشرت الجمعية البريطانية لوقف العنف ضد الأطفال دليلا، لمساعدة الأمهات على تحديد ما إذا كان طفلهن مستعدا للخروج بمفرده أم لا. واعتمد اتخاذ القرار على إجابة الأم عن الأسئلة التالية:
- هل أظهر طفلكِ نضجا عاطفيا واجتماعيا؟
- هل طفلكِ مستعد للتعامل مع المخاطر؟
- هل يتحمّل المسؤولية؟
- هل سيكون آمنا؟
- هل يحب طفلكِ المهمة أو يخافها؟
- هل يطبق طفلكِ قواعد المرور والتعامل مع الغرباء؟
نبّه الدليل، أيضا، إلى أن نصف ساعة خارج المنزل قد تبدو دهرا للطفل، وأن محلا مجاورًا للمنزل يُعَد بداية مثالية، لكن لا ينبغي الضغط على الطفل أو ابتزازه للخروج إذا كان خائفًا، وينبغي تجنّب مقارنته بأطفال أصغر منه تحمّلوا المسؤولية مبكرا.