لوموند: السويد تستعد للحرب وتعبئ المدنيين | سياسة
موستروم: من خلال الاستعداد لكل احتمال، تأمل المملكة ثني خصمها المحتمل عن مهاجمتها.
بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم، أعادت مملكة السويد الدفاع المدني إلى صدارة أجندتها السياسية، ومنذ الحرب في أوكرانيا بدأت تستعد للحرب وتنظم نفسها لضمان قدرة سكانها على المقاومة، وترى أنها بذلك ستكون مستعدة لمواجهة أي نوع من الأزمات.
واستعرضت صحيفة “لوموند” (Le Monde) الفرنسية -في تقرير لمراسلتها الإقليمية في مالمو آن فرانسواز هيفير- طبيعة هذه الاستعدادات التي بدأت برفع عدد الجنود المحترفين وجنود الاحتياط وموظفي الخدمة المدنية وسائقي الحافلات وحاضنات الأطفال الذين تلقوا “مهمة الحرب” بنسبة 16% منذ نهاية 2022، ليعرفوا ما المتوقع منهم.
وأوضحت المراسلة أن الجميع مطالب بالسرية في ما يتعلق بالدفاع المدني للبلاد الذي يعرف الآن نشاطا محموما بعد توقف طويل يقارب 3 عقود، “كنا خلالها نؤمن بالسلام الأبدي”، كما تقول مسؤولة التواصل مع وكالة توظيف القوات المسلحة السويدية مارينيت نيه راديبو.
حالة أمنية خطيرة للغاية
أعادت السويد واجب الدفاع المدني الذي تم إهماله في نهاية القرن العشرين، وأرسلت وكالة الحماية المدنية لأكثر من 121 ألف شاب سويدي -احتفلوا بعيد ميلادهم الـ16 عام 2022- رسالة لإبلاغهم أنهم الآن جزء من “الدفاع الكامل” للمملكة، ولديهم “التزام بالمساعدة في حالة الحرب أو التهديد بها”، ليعود هذا المفهوم إلى صدارة الأجندة السياسية بعدما أعطته الحرب في أوكرانيا بُعدا جديدا.
وعينت السويد وزيرا للدفاع المدني إلى جانب وزير الجيوش لأول مرة منذ عام 1947، ويبرر كارل أوسكار بوهلين الذي يشغل هذا المنصب تعيينه “بالوضع الأمني الخطير للغاية الذي وجدت بلاده وأوروبا نفسيهما فيه”، مشيرا إلى أن دوره هو تنسيق الجهود لإعادة بناء الدفاع المدني للبلاد بحيث “يستمر المجتمع في العمل في حالة وقوع هجوم عسكري، و”يكون قادرا أيضا على تركيز جميع موارده والطاقة لدعم الجيش في مهمته”.
خطأ إستراتيجي
نشأ الدفاع المدني بعد الحرب العالمية الثانية -كما تتذكر كاميلا إريكسون، من معهد أبحاث الدفاع السويدي- عندما “اكتشفنا أن الحرب الحديثة تصيب المجتمع كله، ومع أن السويد لم تشهد نزاعا مسلحا منذ عام 1814، فقد جهزت نفسها بدفاع مدني جعل جيرانها يشعرون بالغيرة، “كان لدينا بلا شك النظام الأكثر تطورا في العالم، ولكن بعد سقوط جدار برلين وانهيار الكتلة السوفياتية وانحسار خطر الحرب؛ ارتكبت السويد خطأ إستراتيجيا باعتقادها أن التاريخ توقف”، كما يلاحظ وزير الدفاع المدني.
وقتها -كما تقول المراسلة- توقف تدريس الدفاع الكامل في المدرسة الثانوية، واختفت المعلومات العملية التي كانت مدرجة في دليل الهاتف خلال الحرب الباردة، كالإنذار ومواقع الملاجئ ومعدات التخزين في المنازل المدرجة، وتم التخلي عن الاحتياطيات الهائلة من السلع والمواد الغذائية.
تحول بزاوية 180 درجة
ولكن في عام 2014، تسبب ضم الروس للقرم في تحول بزاوية 180 درجة في السويد التي استعادت الخدمة العسكرية التي ألغيت عام 2010، وأعادت إطلاق الدفاع المدني عام 2018، وأرسلت كتيب “في حالة نشوب حرب أو أزمة” إلى 4.9 ملايين أسرة عبر صناديق بريدهم، لشرح كيفية الاستعداد للأسوأ.
ومن الآن فصاعدا -كما توضح المراسلة- يتم التخطيط على جميع مستويات المجتمع، وقد حدد قانون -دخل حيز التنفيذ في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2022- 10 قطاعات إستراتيجية، من ضمنها البريد والاتصالات والخدمات المالية والطاقة والصحة، وطالب الجهات الحكومية بضمان عملها، كما تقع مسؤولية الغذاء ومياه الشرب على عاتق 3 هيئات: وكالة الغذاء الوطنية ووكالة الزراعة والمعهد البيطري السويدي.
وختمت المراسلة بأن وكالة الحماية المدنية في ستوكهولم تسعى لزيادة إرادة السويديين للدفاع عن بلادهم من خلال الحملات الإعلامية والتدريبات. ويقول رئيس وحدة الطوارئ في وكالة الزراعة باتريك موستروم “لسنا ساذجين لدرجة أننا نعتقد أنه يمكننا مقاومة كل شيء”، لكن من خلال الاستعداد لكل احتمال، تأمل المملكة ثني خصمها المحتمل عن مهاجمتها.