تعرض لاعتداءات إسرائيلية متكررة.. نادي مخيم جنين متنفس الأهالي ومقر عزاء الشهداء | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
جنين- تلهو مجموعة من الأطفال العائدين من المدرسة بكرة القدم في ساحة بناء وسط مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، شمالي الضفة الغربية، الساحة ذاتها كانت تشهد قبل أكثر من أسبوعين بيت عزاء شهداء مجزرة المخيم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم 26 يناير/كانون الثاني الماضي وراح ضحيتها 9 شهداء من بينهم سيدة مسنة.
والساحة نفسها التي ينطلق منها فريق مخيم جنين لكرة القدم الذي يشارك في مباريات الدوري الوطني الفلسطيني تحمل اسم نادي جنين أو “مركز الشباب الاجتماعي”، لكنها أكثر من كونها ناديا للشباب، فهي تشهد إقامة حفلات خطوبة وزفاف أبناء المخيم، كما تستضيف أيضا سرادق عزاء الشهداء وكافة تجمعات أهل المخيم.
أُسس نادي جنين مع إنشاء المخيم عام 1954، وأنشأته وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وكان يقدم خدمات إنسانية متمثلة في المأكل والمشرب وتزويد سكان المخيم بالتدفئة ونصب الخيام.
يقول مدير نادي مخيم جنين -الذي فضل أن يسمى بأبو وعد- إن “نادي جنين ومركز شبابها الاجتماعي أقيم ليلبي كل حاجات سكان المخيم الاجتماعية والرياضية والثقافية”، مشيرا إلى أن تطور مركز الشباب الاجتماعي بدأ بتوالي السنين حتى تم انضمامه إلى اتحاد مراكز الشباب في الضفة الغربية.
ويضيف أن “المركز أصبح عضوا في اتحاد المراكز الشبابية في الضفة، وبذلك قمنا بهيكلة الجناح الرياضي والثقافي في المركز، إضافة لإقامة فريق للكشافة”، لافتا إلى أنه عام 1974 حقق المركز أولى إنجازاته الرياضية بحصوله على كأس صلاح الطرزي في دوري كرة القدم تلك السنة.
وتابع “رغم الحالة الصعبة للمخيم والمتمثلة في الاقتحامات المتكررة والاغتيالات الإسرائيلية لأبناء المخيم، فإن فريق مركز الشباب الاجتماعي لمخيم جنين يشارك في منافسات مباريات الدوري الفلسطيني التي تقام هذا الشهر”، مضيفا “أيضا لدينا فريق للمصارعة الرومانية، وشاركنا في عدد من البطولات، وأحرزنا انتصارات في هذه الرياضة”.
اعتداء إسرائيلي متكرر
يتوسط مركز الشباب الاجتماعي مخيم جنين، ويعد وجهة شباب المخيم ومتنفسهم، ويضم هيئة إدارية تنتخب كل 4 سنوات بإشراف المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني واتحاد مراكز الشباب، ويسعى أهالي المخيم إلى تحسينه بشكل مستمر، وذلك بإضافة قاعات رياضية جديدة، كان آخرها قاعة “الجيم” والآلات الحديدية الثقيلة.
يقول أحمد حواشين -واحد من أكثر الشباب نشاطا في النادي- “المركز هو نبض المخيم، وهو متنفسنا كشباب، كما أنه نقطة التقاء الأهالي بشكل عام، يسأل أحدنا صديقه في الشارع إلى أين؟ فيجيبه إلى النادي”.
ويضيف حواشين أن النادي “ليس رياضيا فقط؛ فعاليات المخيم كلها تقام هنا في ساحة النادي، وبعد الاقتحامات الإسرائيلية التي بدأت عام 2022 والمستمرة حتى الآن أصبح النادي وجهة القادمين من خارج المخيم أيضا”.
وهدمت آليات الاحتلال الإسرائيلي وجرافاته ساحة نادي مخيم جنين ومدرجات إسمنتية كانت تقام في الساحة، وحطمت عددا من السيارات التي كانت هناك، خلال مجزرة المخيم الأخيرة يناير/كانون الثاني الماضي التي استشهد فيها 9 شهداء من المخيم.
ولم يكن هذا الاعتداء الأول على نادي جنين، فعام 2002 هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مبنى النادي بشكل كامل قبل أن يعاد بناؤه بالشكل الحالي عام 2005.
تقول كفاح عموري، وهي مديرة لناد نسوي داخل المخيم، “قوات الاحتلال هدمت النادي في الاقتحام الأخير، لأنه المكان الذي يقام فيه بيت عزاء الشهداء، حيث أعداد المعزيين كبيرة من داخل المخيم وخارجه.. وهذا ما يغضب الاحتلال”.
بيت العائلة
يعتبر أهالي مخيم جنين نادي المخيم الحاضنة الاجتماعية لهم وبيتهم الكبير، ففيه تقام كافة الفعاليات الخاصة بالمخيم، وفيه أيضا تقام أفراح شباب المخيم في صالة أفراح خاصة، وفيه تقام بيوت العزاء وجلسات الصلح، ويضم مركزا للتعليم المساند الذي يقدم دورات متنوعة لمختلف الأعمار من سكان المخيم.
وبسبب ضيق المساحة في بيوت المخيم، أصبح النادي وجه الأهالي لإقامة مناسباتهم العديدة، حيث تتسع قاعة الأفراح التابعة له لنحو 400 شخص، في حين تتسع ساحته الخارجية لقرابة ألف شخص.
يقول مدير نادي مخيم جنين “النادي هو بيت العائلة في المخيم، هو وجهتنا وبيتنا ومن أكثر الأماكن التي نقضي فيها أوقاتنا”.
من جهتها، تقول عموري “كان ناديا رياضيا، لكن بسبب مساحته الكبيرة المفتقدة في بيوت المخيم، وبسبب موقعه وسط المخيم وسهولة الوصول إليه، وبسبب أعداد الشهداء الكبيرة وحالات العزاء المستمرة، أصبح النادي مقر بيوت عزاء الشهداء، بشكل أسبوعي تقريبا نزور بيوت العزاء في النادي”.
وفي الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قتل الاحتلال فاروق سلامة أحد شباب المخيم وأحد قادة كتيبة جنين، قبل يوم واحد من موعد زفافه الذي كان مقررا في ساحة نادي جنين، فتحولت دعوة زفافه إلى دعوة لتناول طعام الغداء على روح الشهيد سلامة في ساحة النادي نفسه.