Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
خبر عاجل

ماذا تعرف عن النظام الغذائي القطبي؟ | أسلوب حياة


غالبا ما يُشار إلى القطب الشمالي باسم “صندوق جليد الأرض” (Earth’s icebox)، وإلى جانب كونه منطقة جغرافية، فهو نظام فيزيائي وبيولوجي وكيميائي ومناخي وغذائي، كما أن المحيط المتجمد الشمالي لا يشبه أي محيط آخر على وجه الأرض، وبسبب موقعه الخاص ومناخه، فإن الأراضي المحيطة به فريدة من نوعها.

في تلك البقعة من الأرض، تشرق الشمس مرة واحدة كل عام: 6 أشهر من النهار المستمر، و6 أخرى من الليل غير المنقطع. ويبلغ متوسط درجات الحرارة في هذه الأصقاع خلال فصل الشتاء الطويل نحو -37 درجة مئوية في وسط سيبيريا ونحو -34 إلى -29 درجة مئوية في أميركا الشمالية. وسجلت أدنى درجة حرارة في منطقة شمال غرينلاند، إذ وصلت إلى -70 درجة مئوية، بحسب ما ذكرت موسوعة “بريتانيكا” (Britannica).

سكن البشر في هذه الأصقاع منذ نحو 12 ألف سنة قبل الميلاد، ويعيش في هذه المناطق الآن “شعب الإنويت” (Inuit people)، ويبلغ إجمالي عدد السكان 167 ألف نسمة، وفق منصة “ساينس دايركت” (sciencedirect).

والإنويت هم أحفاد -ما يسميه علماء الأنثروبولوجيا- “شعب ثول” (Thule people)، الذين سكنوا غرب ألاسكا منذ نحو ألف عام. وكانوا قد انفصلوا عن أجدادهم مجموعة “الأليوت” (Aleut) منذ نحو 4 آلاف عام، وانتشروا شرقا عبر القطب الشمالي.

كيف يعيش هؤلاء البشر، وماذا يأكلون في ظل درجات حرارة بالغة البرودة، وما مصادر نظامهم الغذائي، وما فوائده؟

“شعب الإنويت” هم السكان الأصليون، الذين يسكنون مناطق القطب الشمالي (شترستوك)

مناخ مختلف ونظام غذائي مختلف

يتطلب المناخ المختلف نظاما غذائيا مختلفا عما اعتاده بقية البشر في منطقة يندر أن ترى فيها بقرة أو دجاجة أو نباتا معروفا مما يأكله سائر البشر.

تشمل أطعمة الإنويت التقليدية الفقمة والحوت والدب القطبي والوعل، وغالبا ما يتم تناولها نيئة أو مجمّدة أو مجففة. وهذه الأطعمة الأصلية في المنطقة مليئة بالفيتامينات والعناصر الغذائية التي يحتاجها الناس للبقاء في ظروف الشتاء القاسية.

وبحسب ما ذكرت شبكة “بي بي سي” (BBC)، فإن تناول الطعام المحلي يعني تناول هذه اللحوم من الأنف إلى الذيل، تماما كما كان يفعل أسلافهم، علما بأن صيد الدب القطبي والفقمة والحيتان يخضع لرقابة صارمة بواسطة أنظمة الحصص التي وضعتها دول، مثل كندا والدانمارك وروسيا. ولكن في هذه الأصقاع قليلة السكان، يفوق النمو السكاني للفقمات بكثير الحصص الممنوحة للصيادين الذين لم يصطادوا مطلقا 450 فقمة المسموح بها سنويا. وفي القطب الشمالي بكندا، لا توجد حصص لصيادي الفقمة، لأنها وفيرة جدا. كما تُستخدم أجزاء الحيوان غير الصالحة للأكل، مثل الفراء والجلود، في صناعة الملابس وغيرها من المنتجات التي يمكن للصيادين بيعها لكسب بعض المال.

مناخ القطب الشمالي يفرض نظاما غذائيا مختلفا عما اعتاده بقية البشر (الجزيرة)

نشر ثقافة الغذاء القطبي في العالم

تقول شيلا فلاهيرتي، وهي طاهية تعمل في منطقة نونافوت في القطب الشمالي بكندا، “نحن جميعا من سكان المحيط، نصطاد ونقوم بالذبح بطريقة حميمة، ونأكل بطريقة حميمة. نعيش كشعوب القطب الشمالي، ويمتد وطننا الإنويت عبر كل المنطقة”.

تنتمي فلاهيرتي إلى مجموعة جديدة من الطهاة التي تسعى إلى نشر نظام “الطعام القطبي” في بقية أرجاء العالم، كوسيلة لتحسين الصحة في المجتمعات المحلية، وإيجاد فرص عمل والحصول على إحساس أقوى بثقافتهم. وكرست حياتها العملية لإتاحة إمكانية تناول طعام الإنويت الأصلي حيث تعيش، والذي تحتوي بعض أطباقه على شرائح رقيقة من كبد الوعل ودهن الفقمة المخمّر، وجلد الفقمة، والحيتان، وتدير حاليا دارا للضيافة ومطعم “سيجاكوت” (Sijjakkut) في إيكالويت بكندا. وتقول -في تصريحات لشبكة “بي بي سي”- “أريد أن أشارك ثقافة الإنويت مع باقي العالم”.

تشمل الأطباق الأصلية الأخرى من المنطقة القطبية الشمالية طبق “سكيربيكوت” (skerpikjøt)، وهو طبق مكون من لحم الضأن المجفف بالهواء، والذي يكتسب في أثناء تجفيفه طعما مخمّرا غير تقليدي يشبه طعم الجبن الأزرق، ويتوافر الضأن في منطقة غرينلاند حيث يرعى في البرية على أرض عشبية صخرية معطرة برائحة الزعتر.

وأحد أسباب تراجع النظام الغذائي التقليدي سياسي بحت، إذ جلب المستعمرون الدانماركيون والبريطانيون طعامهم إلى جزر فارو وغرينلاند، ونشروه بين السكان المحليين حيث جعلت الرغبة في تناول شيء مختلف، كل ليلة من الأسبوع، الطعام “العالمي” يبدو أكثر جاذبية من الطعام المحلي. وهناك حركة قوية الآن لإعادة إحياء ثقافة الطعام المحلية بين السكان وتصديرها إلى أرجاء العالم.

موسم حصاد الفقمة في ناميبيا
الفقمة من مكونات أطعمة الإنويت التقليدية في القطب الشمالي (الجزيرة)

فوائد النظام الغذائي القطبي

حسب دراسة علمية نشرتها منصة “ساينس دايركت” (sciencedirect)، أظهر تحليل مكونات المغذيات في هذا النظام الغذائي أن الأطعمة التقليدية تؤمّن مصادر ممتازة للبروتين، والأحماض الدهنية طويلة السلسلة، والسيلينيوم، والحديد، والزنك، ومجموعة واسعة من الفيتامينات تشمل “إيه” (A) و”دي” (D) و”إي” (E).

وفي الأيام التي كان فيها البالغون من شعب الإنويت يستهلكون الأطعمة التقليدية (بدلا من أطعمة المستعمرين)، لوحظ أن مستويات الفيتامينات والمعادن أعلى بشكل ملحوظ في أجسادهم، مقارنة بالأيام التي لم يأكلوا فيها الطعام التقليدي.

ويُعد لحم كاريبو (أو الرنة) أحد الأطعمة الأكثر استهلاكا في القطب الشمالي، ويحتوي على نسبة دهون خام مماثلة للحوم البقر، ولكن يختلف باحتوائه على مستويات أعلى من الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة.

كما أن الصيد وإعداد الأطعمة التقليدية يعزز النشاط البدني، ويرتبط تناول تلك الأطعمة بانخفاض أخطار الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل السمنة والسكري، وقد دفعت هذه الفوائد الجهات الصحية في كندا إلى التأكيد على أهمية الأطعمة التقليدية لشعب الإنويت، موصية السكان باستخدامها.

وهذا النظام الغذائي المعتمد على الأسماك والأطعمة البحرية غني أيضا بمادة “أوميغا 3″، حيث تحتاج كل خلية في جسم الإنسان إلى هذه المادة، وخصوصا العينين والدماغ. وهي مهمة لتقوية مناعة الجسم، وتحسين الخصوبة، وتقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية. وتشير البحوث، وفق منصة كليفلاند كلينك، إلى أن تناول مزيد من الأطعمة الغنية بأحماض “أوميغا 3” الدهنية، كما يفعل شعب الإنويت، يقلل من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر والخرف، كما يكافح هذا النظام الغذائي بعض أنواع السرطان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى