بعد الزلزال المدمر.. الجزيرة نت ترصد تحول إسطنبول إلى خلية نحل دعما للمناطق المنكوبة | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
إسطنبول– “شعرت بخوف عندما سمعت بخبر الزلزال، لكن عندما بدأت أعي حجم الكارثة وعدد القتلى الذي كان يرتفع على مدار الساعة أصابني الذهول والصدمة” بهذه الكلمات تصف المشهد السيدة التركية المسنة غولسر، وهو ما دعاها لتقديم التبرعات العينية للمتضررين عبر أحد المراكز التي افتتحتها بلدية منطقتها.
وفي حديثها للجزيرة نت، تقول السيدة التركية التي تسكن في حي بهشة شهير بمدينة إسطنبول: “ما إن تناقل جيراننا -عبر تطبيق الواتساب- قائمة بالاحتياجات اللازمة لمساعدة المتضررين من الزلزال وقائمة بأسماء المراكز التي تستقبل التبرعات، حتى نهضت وجمعت بعض الأغطية والوسائد والأغذية المعلبة وحزمتها في حقيبة، ثم ركبت سيارتي وقصدت بناء البازار التابع للبلدية حيث سلمتهم الحقيبة وغادرت”.
وتعيش مدينة إسطنبول على وقع أهوال الزلزال في ظل شوارع شبه خالية وأجواء عاصفة ودرجات حرارة لا تتجاوز حد التجمد، بعد أن استيقظت كبرى المدن التركية على وقع أخبار فاجعة زلزال كهرمان مرعش الذي ضرب جنوب البلاد فجر الاثنين الماضي، والذي صنف على أنه أسوأ كارثة طبيعية منذ نحو 100 عام في تركيا.
ما بعد الصدمة
وبينما كان أهالي إسطنبول يحاولون استيعاب الصدمة، سارعت البلديات -بالتنسيق مع إدارة الطوارئ والكوارث التركية (آفاد)- إلى فتح أبوابها أمام الأهالي للتعبير عن تضامنهم مع المنكوبين، إذ تحولت المدينة -كما الحال في باقي المدن التركية- إلى خلية نحل نشطة خلت من أي نشاط باستثناء التطوع والتبرع والتضامن مع الضحايا والمتضررين، خاصة أولئك الذين أصبحوا فجأة بلا مأوى.
في غضون ذلك، أرسلت آفاد سلسلة رسائل توجيهية وأخرى تطلب العون، عبر إدارات المجمعات السكنية، بيّنت فيها أن بإمكان الأهالي تقديم التبرعات العينية للمتضررين من زلزال الجنوب، خاصة تلك الاحتياجات المتعلقة بالتدفئة والغذاء.
وأدى زلزال مرعش، الذي ضرب 10 ولايات تركية جنوبي البلاد أهمها أدي مان وغازي عنتاب وأورفة وهاتاي، إلى تشريد عشرات الآلاف الذين تهدمت منازلهم أو تضررت بصورة بالغة، في ظل طقس بارد وثلوج لا تزال تتساقط في بعض المناطق المنكوبة.
وحثت رسالة لإدارة آفاد -اطلعت عليها الجزيرة نت- السكان على التبرع بمجموعة من المواد التي صنفتها “احتياجات عاجلة”، وتتضمن مدافئ وبطانيات وخياما وأسرّة ومفروشات ووسائد ومستلزمات النظافة إضافة للأطعمة المعلبة، إذ نشرت إدارة الطوارئ التركية قائمة بمراكز استقبال تبرعات المواطنين، وأحصى مراسل الجزيرة نت 90 مركزا بحسب القوائم التي يتداولها السكان المحليون.
المتطوعون في كل مكان
أما تسنيم، وهي سيدة سورية مقيمة في حي بهشة شهير أيضا، فقد ذكرت للجزيرة نت أنها استيقظت عند الساعة 4 فجرًا، إثر اتصال من أختها المقيمة بمدينة غازي عنتاب التي طالها الدمار نتيجة الزلزال، وأضافت بدأت بتقديم المساعدة عندما قرأت رسالة من بلدية باشاك شهير تحث على إيصال إمدادات الطوارئ الخاصة إلى المراكز التي أقيمت في مناطق باشاك بازار وكايا شهير بازار وبازار تورك لأجل جمعها وإيصالها إلى أسر الضحايا.
وأوضحت السيدة السورية أنها جمعت ما لديها من بطانيات وثياب شتوية وقامت برفقة زوجها بإيصالها إلى مركز بازار تورك القريب من منزلها، لتفاجأ بمئات الأشخاص المتطوعين الذين صادفتهم في المركز وكانوا قد تقاسموا المهام ما بين استقبال المتبرعين، وضبط النظام، في حين تولت مجموعات أخرى مهام فرز التبرعات في صناديق وتجهيزها، لتأتي بعدها سيارات إدارة الطوارئ لإيصالها للمتضررين.
متطوعون للإنقاذ
ولم يقتصر مشهد التضامن عند ذلك، إذ توجه آلاف الشباب إلى مطار المدينة الذي غصت صالاته بالمتطوعين الذين تبرعوا للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ، بعدما تلقوا نداءات المؤسسات الحكومية التي أكدت أنه سيتم نقلهم بالطائرات إلى المدن المتضررة في جنوب البلاد.
وأعلنت ولاية إسطنبول -في بيان صحفي أمس الأربعاء- أن 122 طائرة، منها 22 طائرة شحن وسفينتان، أرسلت من الولاية إلى المناطق المنكوبة، فضلا عن إرسال 20 ألفا و515 عنصرا ومتطوعا لدى إدارة الطوارئ والكوارث (آفاد).
ولفت والي المدينة علي يرلي كايا -في تغريدة له عبر حسابه على تويتر- إلى إرسال 103 سيارات إسعاف وعربة إنقاذ طبي و964 آلية ثقيلة و22 مركبة بحث وإنقاذ و964 شاحنة مساعدات و4765 خيمة إلى المناطق المنكوبة من الزلزال، لا سيما إلى ولاية هاتاي.
يذكر أن الهلال الأحمر التركي في إسطنبول شهد إقبالا كثيفا للتبرع بالدم من أجل المساهمة في إنقاذ الجرحى والمصابين الذين تم انتشالهم من تحت الأنقاض، حيث اصطف المتبرعون في طوابير طويلة أمام المراكز التي تم تجهيزها بُعيد وقوع الزلزال.
وتحدث متبرعون للجزيرة نت عن مدة انتظار وصلت إلى ساعتين ليتمكنوا من التبرع بالدم، كما قامت عديد من الجمعيات الأهلية والمؤسسات التابعة للجاليات العربية بتنظيم حملات للتبرع بالدم لصالح الهلال الأحمر التركي.