لم نسمع أصواتهم منذ ساعات.. هكذا ينتظر السوريون عائلاتهم أمام الحطام في إدلب | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
بسينا-شمال سوريا: لو كان الموت وحده ربما لهان الأمر، لكن أن تعجز عن مساعدة أفراد عائلتك وهم أمام عينيك، أو حتى أن تنتشل جثثهم من تحت الأنقاض، فهذا هو القهر بعينه.
“لم ينج من عائلتي سوي أنا وشقيقتي، وجلهم لم نعد نسمع أصواتهم منذ ساعات” هكذا بعيون غارقة في الدموع، وبصوت يبحث عن الكلمات، يحاول عبد الله الأحمد (32 عاماً) أن يحكي جانبا من المأساة التي يعيشها أهالي الشمال السوري بعد كارثة الزلزال المدمر.
أمام حطام المبنى الذي توفيت فيه عائلته في بلدة بسينا شمال غرب إدلب، يأمل الأحمد أن يكون ما مر أمامه مجرد حلم، لأنه لم يعد يحتمل هذه المآسي.
في حديثه للجزيرة نت، يقول وهو يبكي بحرقة “المباني كانت متصدعة قبل الزلزال، وأصبحت حطاماً خلال ثوان، ولم تستطع أي عائلة الهروب خارج الأبنية، لأنهم كانوا نائمين”.
وحول أعداد الضحايا وكذلك العالقين تحت الأنقاض، يؤكد الأحمد أن الأعداد تفوق 800 شخص كانوا داخل هذه المباني، وجلهم أصبحوا في عداد الموتى، لأن الدفاع المدني غير قادر على إنقاذهم بسبب عدم وجود الآليات الكافية.
معاناة الدفاع المدني
تقع بلدة بسينا بالقرب من منطقة سلقين شمال غرب إدلب، وتبعد عن الحدود مع تركيا ما يقارب كيلومترين فقط، وكان عدد سكانها نحو 1500 نسمة، في حين أصبح الآن أكثر من 4 آلاف نسمة، وذلك بعد وصول مئات العوائل النازحة إليها من أرياف إدلب.
وتعتبر بسينا أحد أكثر المناطق تضرراً حيث يقبع مئات المدنيين تحت أنقاض منازلهم. وتعمل فرق الدفاع المدني منذ ما يقارب 36 ساعة لإزالة الأنقاض، وتمكنت فقط من إنقاذ 6 مدنيين بينهم أطفال.
عيسى مستو أحد المنقذين بالمنطقة يؤكد أنهم كانوا يسمعون خلال اليوم الأول أصوات ضحايا يصرخون من تحت الأنقاض، لكن اليوم الثاني “لم نعد نسمع أي أصوات بسبب موت معظم العالقين”.
ويشير في حديثه للجزيرة نت إلى أن “العوائل كانت تقطن في مبان معرضة للانهيار بسبب سوء بنائها، حيث تهدمت فور وقوع الزلزال، وما فاقم الأمر أن الزلزال وقع فجرا وقت نوم معظم السكان”.
ولفت في حديثه إلى أن هناك مبادرات شعبية من الأهالي للمساعدة في الانتشال، حيث لم تتمكن فرق الدفاع المدني من العمل بكل طاقتها، بسبب توزع كوادرها خارج المنطقة.
ورغم تعهد دول عدة بإرسال فرق للإنقاذ، غير أنه لم تصل مساعدات حقيقة للشمال السوري، خاصة مع عدم وجود بنية تحتية لاستقبال الطائرات الإغاثية.
مخاوف من الهزات الارتدادية
أحمد يازجي عضو الدفاع المدني، قال إن فريقه لم يتوقف عن العمل على مدار الساعة بمناوبات بين المتطوعين في الأماكن التي تضررت.
ولفت في حديثه للجزيرة نت إلى أن “هناك 900 قتيل و2300 جريح حصيلة غير نهائية، ربما تتغير كل دقيقة، والعوائق الكبيرة التي لم تساعدنا هي النقص بالمعدات، فضلا الطقس البارد جداً والرياح”.
وأوضح أنه كان هناك تخوف على فرق العمل من الهزات الارتدادية وحدوث انهيارات جديدة، مناشداً المدنيين الاستنفار لمساعدتهم.