منها مخدر “إتش بوز” وحبوب الكبتاغون.. ما سر رواج المخدرات بالشمال السوري؟ | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
شمال سوريا – في جريمة هزت مناطق سيطرة المعارضة السورية وأصابت الأهالي بالذهول، أقدم الشاب السوري الثلاثيني “سعد. خ” على قتل شقيقه وزوجته وأطفاله الخمسة، وأصاب آخرين بجروح.
تقول مصادر خاصة من ريف حلب إن القاتل اقتحم منزل شقيقه في بلدة الوقف بريف حلب شمالي سوريا، وأطلق النار على معظم أفراد الأسرة، قبل أن يجهز على ابنة أخيه ويطعنها بالسكين ويفر من المنطقة، مثيرا الغموض حول الدافع وراء الجريمة التي وقعت قبل أقل من شهرين.
لكن الصدمة لم تستمر طويلا بعد القبض على القاتل، حيث كشفت السلطات الأمنية المحلية أنه كان من مدمني المخدرات، وأن شقيقه القيادي في فصائل المعارضة السورية قد اعتقله أكثرة من مرة وسجنه بسبب الإدمان، ليخرج من حبسه وينتقم على طريقته الخاصة.
ووفق المصادر، فإن القاتل اعترف بتعاطيه مادة “إتش بوز” المخدرة الرائجة أخيرا في شمالي غربي سوريا ضمن العديد من المواد المخدرة التي تفتك بنسبة كبيرة من شباب البلد، الذي أنهكته الحرب وانهيار الاقتصاد، في حين يكافح أغلبية المواطنين هناك من أجل قوت يومهم.
موضة العصر
تثير الإحصائيات الموثقة عن تعاطي المخدرات في شمالي سوريا قلق المعنيين بالشأن المحلي والأمني، حيث كشف المركز السوري لمحاربة المخدرات عن تزايد نسبة تعاطي المخدرات بين الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و30 عاما في مناطق شمالي غربي سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وأكد المركز أن نسبة التعاطي في منطقة ريف حلب الشمالي مرتفعة عن المناطق الأخرى، إضافة إلى مخيمات النازحين السوريين في المنطقة، محذرا من تصاعد أعداد المتعاطين للمخدرات هناك جراء غياب التوعية والرعاية والتعليم.
ويلفت مؤسس المركز حسن جنيد إلى أن مادة “إتش بوز” أو “الكريستال ميث” من أخطر المواد المخدرة وأكثرها انتشارا في شمالي غربي سوريا، موضحا أن متعاطي هذه المادة يقع في الإدمان من المرة الأولى بنسبة 90%، لكونها تستهدف المخ بشكل مباشر، وتتسبب في حالة من الفصام.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد جنيد أن المخدرات أصبحت تنتشر في الشمال السوري بشكل مخيف، أبرزها حبوب” كودائين وترامادول والكبتاغون”، فضلا عن الحشيش، باعتبارها متوفرة بكثرة ورخيصة الثمن.
ويوضح المتحدث أن بعض طلاب المدارس والجامعات باتوا يلجؤون للمخدرات تماشيا مع ما تسمى “موضة العصر”، أو هربا من الظروف النفسية الصعبة التي تسببت لهم في حالات اكتئاب حادة، مشيرا إلى أن معظم المتعاطين من المراهقين الباحثين عن السعادة التي أوهمهم بها رفاق السوء.
من أين تأتي المخدرات؟
رغم الحديث عن منشآت نادرة لتصنيع المخدرات في شمالي غربي سوريا لا يعرف حجمها، فإن رئيس قسم مكافحة المخدرات في ريف حلب أحمد عثمان أكد أن معظم كميات المواد المخدرة تأتي من مناطق سيطرة النظام السوري، مستندا إلى التقرير الصادر عن الهيئة الدولية لمكافحة المخدرات الذي كشف أن معظم المواد المخدرة -وأهمها الحشيش- تصل إلى سوريا من لبنان.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال عثمان إن مادة “إتش بوز” وحبوب “الكبتاغون” تصل من إيران إلى مناطق سيطرة النظام السوري مواد أولية يتم تصنيعها في معامل تابعة له، قبل أن ينقلها مهربون إلى الشمال السوري.
وأوضح المسؤول الأمني عن مكافحة المخدرات أن المروجين والتجار يتم التعامل معهم بشكل قانوني صارم، في حين يتم توقيف المتعاطين لمدة تضمن تخلصهم من آثار التعاطي بسبب عدم توافر مراكز خاصة لعلاج الإدمان.
وعن أعداد حالات الضبط الأمني والأشخاص المقبوض عليهم في منطقة ريف حلب خلال العام الماضي، أشار عثمان إلى تسجيل 774 ضبطا، شملت القبض على 1195 شخصا بتهم ترويج وتجارة وتعاطي المخدرات بكافة أنواعها.
إعادة تأهيل
على الجانب الوقائي والعلاجي، تعمل فعاليات صحية ومجتمعية في شمالي غربي سوريا بهدف توعية الأهالي وتقديم العلاجات الطبية والنفسية للناجين من الانزلاق في الإدمان.
ويشرح أمين سر نقابة أطباء حلب الدكتور عمر فروح آلية علاج مدمني المخدرات التي تتم حسب بروتوكولات طبية علمية دقيقة، ومعايير منظمة الصحة العالمية، من خلال تقييم المدمن من قبل أطباء مختصين بالإدمان يضعون له خطة العلاج اللازمة لحالته.
وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف فروح أن العلاج يطبق في أحد المراكز أو بمنزل المريض، ليعقبه مرحلة الدعم النفسي والاجتماعي عن طريق مرشدين نفسيين متخصصين، وصولا إلى مرحلة شفائه التام.
أما المركز السوري لمحاربة المخدرات، وفق مؤسسه حسن جنيد- فيقوم ببرامج التوعية الرقمية التي تستهدف الشباب السوري عبر نشر منشورات وكتيبات توعوية بمخاطر المخدرات وآثارها على كل من الأسرة والمجتمع.
وقال جنيد إن المركز بدأ منذ العام الجديد 2023 سلسلة من البرامج التوعوية مع أخصائيين وأطباء، تشمل المخيمات والمدارس والجامعات، فضلاً عن إعادة تأهيل المتعاطين واستقبالهم وعوائلهم ضمن برامج التمكين والتدريب والتأهيل التي يقدمها المركز.