الزهاوي ينضم لقائمة المُقالين بسبب التورط في فضائح سياسية تتعارض مع ميثاق الحكم البريطاني | سياسة

لندن- لا تخلو الحياة السياسية البريطانية من كثير من الدراما والأحداث التي تقلب المشهد السياسي رأسا على عقب، فما هي إلا أشهر قليلة بعد تشكيل حكومة ريشي سوناك، التي كان التعويل عليها كبيرا لإعادة شيء من الاستقرار السياسي، حتى أصيبت هي الأخرى بعدوى الإقالات.
آخر فصول الأزمات تمثل في قيام رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ريشي سوناك بإقالة رئيس حزب المحافظين ناظم الزهاوي من منصبه في الحكومة (وزير بلا حقيبة) أمس الأحد، بعدما خلص تحقيق مستقل بخصوص شؤونه الضريبية إلى ارتكابه خرقا جسيما لمدونة السلوك الوزاري.
وينضم الزهاوي بذلك إلى قائمة طويلة من الأسماء التي استقالت أو تمت إقالتها بسبب تورطها في فضائح سياسية أو أخلاقية أو ارتكاب أخطاء تتعارض مع ميثاق العمل الحكومي البريطاني.
تفجرت الأزمة الجديدة في وجه قيادة حزب المحافظين، بعدما تسلم سوناك تقريرا عن ملف ناظم الزهاوي من المستشار المستقل لأخلاقيات العمل الحكومي، الذي جاء فيه أن الزهاوي دفع غرامة قيمتها نحو 5 ملايين جنيه إسترليني (6 ملايين دولار) لمصلحة الضرائب بسبب عدم إدلائه بتصريح ضريبي عن أرباح بقيمة 20 مليون جنيه إسترليني.
وتوصل المستشار المستقل لأخلاقيات العمل الحكومي إلى أن الزهاوي تورط في خرق ميثاق العمل الحكومي، عندما لم يخبر رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس ولا رئيس الوزراء الحالي بقضيته مع مصلحة الضرائب، ليقرر سوناك مباشرة إقالة الزهاوي، في استمرار لمسلسل لا تنتهي فصوله منذ حكومة بوريس جونسون.
لعنة جونسون
عاشت بريطانيا في عهد رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون أياما ستبقى خالدة في التاريخ السياسي للبلاد، بعد تورط جونسون في عديد من الفضائح السياسية التي أصر على نفي علاقته بها، خصوصا تنظيم حفلات داخل مقر رئاسة الوزراء في فترة الإغلاق التام للبلاد بسبب جائحة كورونا.
وقاوم جونسون كل محاولات سحب الثقة منه، وكل المطالب بإقالته، لدرجة أن أقرب حلفائه وجهوا له رسالة في البرلمان بعبارة “ارحل، حبا بالله”، ومع ذلك امتنع عن الاستقالة إلى أن وجه له ريشي سوناك الضربة القاضية بتقديم استقالته من منصب وزير الخزانة، ليلحق به وزراء آخرون، ومن ثم اضطر جونسون لتقديم استقالته من منصبه.
بعدها انطلق حزب المحافظين في البحث عن قائد جديد يخرجه من حالة الفوضى التي تركها جونسون خلفه، ليستقر القرار على ليز تراس لتصبح رئيسة للوزراء، ومباشرة بعد اختيارها بدأت بعض المقالات الصحفية تمنحها لقب “المرأة الحديدية” التي كانت تحمله رئيسة الوزراء الشهيرة الراحلة مارغريت تاتشر.
هذا اللقب لم يصمد سوى أسابيع قليلة إلى أن تورطت تراس وورطت بلادها في واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخ البلاد، وهوت بقيمة الجنيه الإسترليني أمام الدولار إلى مستوى غير مسبوق، بسبب خطتها الاقتصادية المثيرة للجدل، التي كانت سببا في استقالتها.
البحث عن الاستقرار
بعدها، أصبح الشغل الشاغل لحزب المحافظين البحث عن شخصية غير مثيرة للجدل، ولا تجر خلفها أي ماض سياسي تلطخه الأخطاء، فوقع الاختيار على ريشي سوناك، الذي وصل لرئاسة الوزراء بشعار “الالتزام وتحمل المسؤولية”.
وكادت حكومة سوناك أن ينفرط عقدها منذ الأسبوع الأول، بسبب الضغوط عليه لإقالة وزيرة الداخلية سويلا برافرمان، التي ظهر أنها أرسلت وثائق حكومية سرية من بريدها الإلكتروني الشخصي إلى زميل لها في البرلمان.
ورفض سوناك إقالة وزيرة الداخلية، ومرت القضية من دون إثارة كثير من الضجيج، بسبب الانشغال بالوضع الاقتصادي في البلاد.
ولكن السياسة البريطانية دائما وفية لنفسها، فهي ترفض الاستقرار، لتظهر على السطح قضية ناظم الزهاوي، التي انتهت بإقالته، لينظم إلى وزير الصحة مات هانكوك الذي كان في حكومة جونسون وتورط في فضيحة أخلاقية داخل مكتبه.
وسيكون سوناك في حرج كبير في حال ثبت تورط أي وزير جديد في حكومته في أي خطأ سياسي، فلم يعد الرأي العام البريطاني يتحمل أخطاء حزب المحافظين الكثيرة.

شعبية متدنية
ما يلبث حزب العمال المعارض يستفيد من الهدايا الذهبية التي يقدمها له حزب المحافظين، وأظهر آخر استطلاع للرأي حول نية تصويت البريطانيين خلال الانتخابات القادمة أن حزب العمال يتقدم بفارق شاسع عن حزب المحافظين.
وأظهر الاستطلاع -الذي أجراه مكتب استطلاعات الرأي “تيك إن” (Techne) مباشرة بعد إقالة الزهاوي- حصول حزب العمال على 47% من مجموع الأصوات في الانتخابات المقبلة، مقابل 26% فقط لحزب المحافظين.
وكشف الاستطلاع عن تراجع ثقة البريطانيين بحزب المحافظين، إذ أكد 61% أنهم لا يثقون بحزب المحافظين، ولا بحكومة سوناك.
وتتماشى نتائج الاستطلاع مع التقارير التي تحدثت عن اجتماعات عقدها قادة حزب المحافظين مع رئيس الوزراء وناقشوا فيها تراجع شعبية الحزب، وأن فوز الحزب بالانتخابات المقبلة -بعد 12 سنة من حكم بريطانيا- سيكون مهمة شبه مستحيلة.