الأقل تكلفة حتى الآن.. نظام جديد يلتقط ثاني أكسيد الكربون بكفاءة كبيرة ويحوله إلى الميثانول | علوم
يعد احتجاز ثاني أكسيد الكربون قبل أن ينطلق للغلاف الجوي وسيلة فعالة في إبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري التي تهدد البشرية جمعاء، كما تهدد كل أنواع الحياة على الأرض، وتبذل العديد من الدول الكثير من الجهد والمال لحل هذه المعضلة الكبيرة.
ومؤخرا، قام علماء في المختبر الوطني لشمال غرب المحيط الهادي -التابع لوزارة الطاقة الأميركية- بوضع علامة فارقة جديدة في جهودهم لجعل احتجاز الكربون أكثر كفاءة وأكثر انتشارا، وبأسعار تعد الأقل كلفة حتى الآن.
احتجاز ثاني أكسيد الكربون
في أبريل/نيسان 2022، أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) تقريرا يركز على التخفيف من تغير المناخ، ومن بين تدابير الحد من الانبعاثات تمت تسمية احتجاز الكربون وتخزينه بوصفه عنصرا ضروريا لتحقيق صافي انبعاثات صفرية، خاصة في القطاعات التي يصعب إزالة الكربون منها، مثل الصلب وإنتاج المواد الكيميائية.
وتزداد الحاجة إلى التكنولوجيا التي يمكنها التقاط ثاني أكسيد الكربون وإزالته وإعادة توظيفه بشكل أقوى مع كل جزيء من ثاني أكسيد الكربون يصل إلى الغلاف الجوي للأرض، ولتلبية هذه الحاجة قام علماء المختبر الوطني لشمال غرب المحيط الهادي بإجراء بحوث أساسية وتطبيقية بهدف تعزيز الأسس العلمية في مجالي البحث والابتكار، وزيادة قدرة الولايات المتحدة في مجال الطاقة وتقليل الاعتماد على النفط المستورد، والحد من آثار الأنشطة البشرية على البيئة.
وأنشأ العلماء نظاما جديدا يلتقط ثاني أكسيد الكربون بكفاءة ويحوله إلى واحدة من أكثر المواد الكيميائية استخداما في العالم، وهي مادة الميثانول التي لها استخدامات عدة كوقود ومذيب، وهي مكون مهم في البلاستيك والطلاء ومواد البناء.
تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مواد مفيدة
يوفر تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مواد مفيدة مسارا للكيانات الصناعية لالتقاط الكربون وإعادة توظيفه، ويعتقد العلماء أن هذا الحافز يمكن أن يوفر خطوة مهمة للغاية نظرا لأن التكلفة العالية لتكنولوجيا الالتقاط التجاري تعد عائقا طويل الأمد أمام استخدامها على نطاق واسع.
ويقارن الكيميائي ديفيد هيلدبرانت -الذي يقود فريق البحث بالمختبر- النظام الجديد بعملية إعادة التدوير؛ فمثلما يمكن للمرء أن يختار بين المواد التي تستخدم مرة واحدة والمواد القابلة لإعادة التدوير، كذلك يمكن للفرد إعادة تدوير الكربون.
وقال هيلدبرانت -في بيان صحفي للمختبر- “بدلا من استخراج النفط من الأرض لصنع هذه المواد الكيميائية، نحاول القيام بذلك من ثاني أكسيد الكربون الذي يتم التقاطه من الغلاف الجوي أو من مصانع الفحم، بحيث يمكن إعادة تدويره إلى أشياء مفيدة”.
وكما هو موضح في دراسة نشرت بدورية “أدفانسد إنيرجي ماتيريالز” (Advanced Energy Materials)، فقد تم تصميم النظام الجديد ليلائم محطات الطاقة التي تعمل بالفحم أو الغاز أو الكتلة الحيوية، بالإضافة إلى أفران الإسمنت ومصانع الصلب.
وتأخذ العملية غاز المداخن من محطات توليد الطاقة، وتستخدم مذيبا لالتقاط الغاز -تم تطويره بالمختبر وحاصل على براءة اختراع- للتخلص من ثاني أكسيد الكربون، وينتزع النظام جزيئات ثاني أكسيد الكربون قبل انبعاثها، ثم يحولها إلى ميثانول ومواد مفيدة صناعيا أخرى يمكن بيعها.
وإضافة إلى الميثانول، يمكن للفريق تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مواد كيميائية أخرى مثل الميثان، والبولي يوريثان الموجود في المواد اللاصقة والطلاء والعزل الرغوي والبوليستر، الذي يستخدم على نطاق واسع في المنسوجات.
يخفض النظام الجديد تكلفة التقاط ثاني أكسيد الكربون إلى 39 دولارا للطن المتري. وبمجرد أن ينتهي الباحثون من دراسة الكيمياء الكامنة وراء تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مواد تبقيه خارج الغلاف الجوي، يمكن أن تكون شبكة واسعة من أنظمة الالتقاط على استعداد لإجراء مثل هذه التفاعلات.
ولكن، لا يزال هناك قدر كبير من العمل لتحسين وتوسيع نطاق هذه العملية الكيميائية المعقدة، وقد يستغرق الأمر عدة سنوات قبل أن تصبح جاهزة للتسويق التجاري.
ويفتح نهج الفريق المتكامل عالما جديدا من كيمياء تحويل ثاني أكسيد الكربون، ويضعنا على عتبة مجال جديد تماما من تكنولوجيا الكربون القابلة للتطوير والفعالة من حيث التكلفة.