الملف الأفغاني في مذكرات مايك بومبيو.. كيف أثار غضب المسؤولين السابقين؟ | سياسة
كابل- أصدر وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو مذكراته تحت عنوان “لا تعطِ شبرا: القتال من أجل أميركا التي أحبها”. وتطرّق فيها إلى ملف المفاوضات بين حركة طالبان في أفغانستان والولايات المتحدة، وعلاقة بلاده بالحكومة الأفغانية السابقة وخاصة الرئيس محمد أشرف غني.
ووصف المبعوث الأميركي السابق إلى أفغانستان زلماي خليل زاد، المذكرات بأنها “ماتعة وتستحق القراءة”. بينما قال أمر الله صالح نائب الرئيس الأفغاني السابق إنها “مليئة بالأكاذيب ومضللة”، وإنها لم تتطرق إلى ملحقات اتفاق الولايات المتحدة مع طالبان.
غضب السابقين
وأثارت مذكرات مايك بومبيو غضب الأفغان وخاصة المسؤولين السابقين في الحكومة الأفغانية التي انهارت بعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان عام 2021.
واتهم مايك بومبيو، في كتابه الذي أثار ضجة واسعة في الشارع الأفغاني، الرئيس السابق محمد أشرف غني بعرقلة محادثات السلام. وكتب “إن الرئيس الأفغاني بذل جهدا هائلا لتقويض محادثات السلام بين الولايات المتحدة وطالبان”. ووصف بومبيو أشرف غني بأنه “أسوأ” زعيم قابله على الإطلاق؛ وقدمه كشخص “لم يكن أبدا على استعداد للتضحية بنفسه من أجل بلاده”.
وقال بومبيو “كان “غني” محتالا بكل ما تعني هذه الكلمة، أودى بحياة الجنود الأميركيين للحصول على السلطة، ولم يكن يحظى بأية شعبية في أفغانستان”.
وكتب وزير الخارجية الأميركي السابق عن رئيس لجنة المصالحة السابق عبد الله عبد الله “كان رئيسا لمجموعة مافيا، سرق الأموال التي تبرعت بها الولايات المتحدة”.
وتناولت مذكرات بومبيو مسألة الانتخابات الرئاسية في أفغانستان. وقال إن “أشرف غني سرق الانتخابات وكان أكثر مهارة في سرقة الأصوات من منافسه عبد الله عبد الله”.
“أكاذيب”
وسارع أمر الله صالح نائب الرئيس السابق إلى وصف مذكرات مايك بومبيو بالكذب. وكتب في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع تويتر أن الحكومة الأفغانية لم تكن عقبة في طريق السلام، وأن الرئيس الأفغاني السابق “فضح أكاذيب ومؤامرات الغربيين وخاصة الأميركيين ضد الشعب الأفغاني”.
وأضاف صالح ” كنت حاضرا في الاجتماع الأخير بين الرئيس الأفغاني غني ووزير الخارجية الحالي أنتوني بلينكن الذي قال لأشرف غني إن دستورك لم يعد له معنى، فكّر بطريقة غير تقليدية”.
ويكتب الوزير الأميركي السابق في مذكراته عن نظرته إلى قادة طالبان الذين حضروا حفل توقيع اتفاق الدوحة. ويقول إن “أسوأ تجربة” في حياته كوزير للخارجية عندما شاهد طالبان في حفل توقيع الاتفاق بالزي الأفغاني، لأنه ذكّره بأسامة بن لادن.
وقد طالبت الولايات المتحدة وعدد من السياسيين الأفغان الرئيس الأفغاني السابق بعدم إجراء الانتخابات الرئاسية عام 2019، والتركيز على جهود المفاوضات والسلام في أفغانستان، ولكن الرئيس أكد على إجرائها في موعدها.
ويقول أمر الله صالح للجزيرة نت إن “أشرف غني أكد مرارا أنه مستعد لإجراء انتخابات مبكرة بإشراف الأمم المتحدة، وأكبر خطأ له كان ثقته بالغرب، ودفعت أفغانستان ثمنا باهظا في علاقاتها مع المنطقة بسبب ثقتها في الغرب”.
مسؤولية الإخفاق
ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن الولايات المتحدة أخفقت في أفغانستان وانسحبت منها بصورة فوضوية أدت إلى سقوط الحكومة الأفغانية السابقة. ويحاول وزير الخارجية الأميركي السابق الذي شارك في توقيع اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وطالبان تحميل الرئيس أشرف غني وحكومته مسؤولية الإخفاق في إدارة ملف المفاوضات الأفغانية.
وقال عضو لجنة المفاوضات الحكومية المولوي عطاء الله لودين للجزيرة نت، إن “الرئيس الأفغاني السابق لم يكن يعارض السلام في أفغانستان ولكنه لم يرِده وفق المخطط الأميركي، وكان يعرف نوايا الغربيين تجاه الأفغان، لذا غادر البلاد وحافظ على دماء الأفغان ومنع اندلاع حرب أهلية وسيذكر التاريخ له موقفه”.
الفساد في أفغانستان
ويشير مايك بومبيو في مذكراته إلى مشكلة الفساد في أفغانستان، ويقول إنه سمة بارزة في المنظومة الحكومية وسيقضي عليها لا محالة.
ويعلق أمر الله صالح قائلا “إذا كانت الولايات المتحدة تعتقد أن الفساد تسبب في سقوط الحكومة الأفغانية، فلماذا لا ترغب في نشر قائمة أولئك الذين حصلوا على عقود المشاريع الضخمة في أفغانستان حتى يعرف العالم كيف حصلوا على هذه العقود؟”.
وفي تغريدات على تويتر، اتهم المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد، والذي وقّع اتفاقية السلام بين الولايات المتحدة وطالبان، أن “الرئيس الأفغاني السابق تجاهل الرسائل الواضحة لوزير الخارجية الأميركي السابق بخصوص السلام في أفغانستان”.
وأضاف أن الرئيس غني كان يتمتع بعلاقات قوية بأعضاء الكونغرس الأميركي والجنرالات المتقاعدين وجماعات الضغط، وهو ما جعله يعتقد أن أميركا ستحافظ على وجودها العسكري في أفغانستان لفترة طويلة. “ونحن أبلغناه قرار الولايات المتحدة بسحب قواتها من أفغانستان ولكنه وصف القرار بالخطأ الإستراتيجي”.
“سلموها لطالبان”
ويقول رئيس دائرة الإعلام السابق بالداخلية الأفغانية نجيب ننكيال للجزيرة نت “ما جاء في مذكرات الوزير بومبيو مؤسف حقا، هو وخليل زاد وسياسيون أفغان معارضون سلموا أفغانستان على طبق من ذهب إلى طالبان باسم اتفاق السلام، وهذه كانت في الأصل مفاوضات الانسحاب من أفغانستان”.
وكتب وحيد مجروح وزير الصحة في حكومة أشرف غني على حسابه في تويتر “أخطأ النظام الجمهوري السابق بثقته بأمثال بومبيو وخليل زاد، ويجب ألا يكرر الناس خطأ الحكومة السابقة بتصديق أكاذيبهم”.
ولم يعلق الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، ورئيس لجنة المصالحة الوطنية عبد الله عبد الله، على مزاعم مايك بومبيو التي جاءت في مذاكراته.
وقال مصدر مقرب من الرئيس الأفغاني غني للجزيرة نت، إنه “دوّن ملاحظاته ومذكراته وتحدّث بالتفصيل عن المفاوضات وما حدث خلال سنتين قبيل انهيار حكومته، وسيرد على دور الولايات المتحدة في تسليم أفغانستان إلى طالبان”.
ويصف بومبيو في كتابه الجديد زلماي خليل زاد بالشخص الغامض والمنفتح في آن واحد. ويقول الكاتب والباحث السياسي حكمت جليل “اتفق مايك بومبيو والرئيس غني ونائباه حول دور زلماي خليل زاد في المفاوضات، والجميع يصفونه بالشخص الغامض، وكثيرون من الأفغان يعتقدون أنه لعب دورا بارزا في انهيار الحكومة السابقة”.