بعد جولات لمسؤولين أميركيين.. هل تحمل زيارة بلينكن للمنطقة أي جديد؟ | سياسة
واشنطن- بيان تقليدي خرج عن وزارة الخارجية الأميركية بخصوص زيارة الوزير أنتوني بلينكن للمنطقة العربية من 29 إلى 31 يناير/كانون الثاني الجاري، والتي تشمل توقفا في القاهرة والقدس ورام الله.
ومن المقرر وفق البيان، أن يبحث بلينكن مع قادة مصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية “مجموعة من الأولويات العالمية والإقليمية، بما في ذلك غزو روسيا لأوكرانيا وإيران والعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية والحفاظ على حل الدولتين”، وغيرها.
وتأتي الزيارة بعد أسبوعين من جولة لمستشار الأمن القومي جيك سوليفان، شملت إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وبعد أسبوع من زيارة قام بها وليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” (CIA) لمصر، والذي وصل الخميس أيضا إلى إسرائيل في زيارة تشمل كذلك الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن المتوقع أن يخيّم التصعيد الإسرائيلي على أجواء محادثات المسؤولين الأميركيين مع الجانبين، لا سيما بعد إعلان السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل عقب مجزرة مخيم جنين والتي أسفرت عن استشهاد 10 فلسطينيين.
لا جديد في زيارة تقليدية للقاهرة
سيزور الوزير الأميركي القاهرة “لدفع الشراكة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر وتعزيز السلام والأمن في المنطقة، بما في ذلك الدعم المشترك للانتخابات في ليبيا، والعملية السياسية الجارية في السودان”، كما جاء في بيان الخارجية الأميركية.
وذكر دبلوماسي أميركي سابق للجزيرة نت، أن زيارة بلينكن “ستركز على ملف العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية بعدما ركزت زيارة مستشار الأمن القومي على بقية القضايا الإقليمية الأكثر اتساعا كالتهديدات الإيرانية، والتطبيع العربي الإسرائيلي، وتداعيات حرب أوكرانيا”.
وتشهد الأراضي الفلسطينية هجمات إسرائيلية متكررة نتج عنها استشهاد عشرات الفلسطينيين خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما يزيد مخاطر انفجار الأوضاع خاصة بعدما شملت الحكومة الإسرائيلية الجديدة وزراء متشددين يطالبون بطرد “فلسطينيي 48” وضم الضفة الغربية وبناء مزيد من المستوطنات فيها.
وتلعب مصر دورا تراه واشنطن مهما بسبب علاقتها الممتازة مع إسرائيل حاليا، وعلاقتها البرغماتية مع حركة حماس المُسيطرة على قطاع غزة.
وأشار بيان الخارجية الأميركية إلى أن بلينكن سيؤكّد “على الحاجة الملحة لأن يتخذ الطرفان خطوات لتهدئة التوتر لوضع حد لما تصفه بـ”دورة العنف”. كما سيناقش الوزير أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي الراهن في المسجد الأقصى بالقدس المحتلة.
علاقات صلبة
وعن سبب الزيارة، قال المسؤول الأميركي السابق للجزيرة نت “إنه مزيج من رغبة الوزير بلينكن في الإشراف على إدارة العلاقة مع نتنياهو، خاصة أن جدول الرئيس بايدن مزدحم ولا نية لديه لرؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي في المستقبل القريب. كما أن بلينكن يأمل في الضغط على نتنياهو حتى لا يقوم بأشياء مجنونة”.
وفي لقاء أجراه بلينكن مع معهد السياسة بجامعة شيكاغو قبل أيام، أشار الى قوة العلاقة التي تربطه بنتنياهو. وزار الوزير الأميركي إسرائيل عدة مرات منذ توليه منصبه في بداية عام 2021.
وقال بلينكن “لدينا علاقة مع إسرائيل بُنيت على مدى عقود عديدة وخلال العديد من الإدارات المختلفة في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، وهناك الالتزام بأمن إسرائيل، وهذا لن يتغير. وإحدى فوائد علاقة وثيقة مثل تلك هي أنه يمكننا التحدث بشكل مباشر وواضح جدا معا في السر وكذلك في العلن عندما تكون لدينا خلافات، بما في ذلك الاختلافات في النهج تجاه الأشياء التي تحدث داخل إسرائيل، وهذا أيضا لن يتغير”.
واعتبر غريغوري أفتانديليان، المسؤول السابق بوزارة الخارجية وبلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والأستاذ بالجامعة الأميركية، أنه من المحتمل أن يبحث بلينكن مع نتنياهو مسألة كبح جماح وزرائه اليمينيين المتطرفين مثل إيتمار بن غفير، من اتخاذ خطوات أكثر استفزازا.
وأشار أفتانديليان في حديث للجزيرة نت، إلى أن زيارة بن غفير المثيرة للجدل إلى المسجد الأقصى “لم تثر الغضب الفلسطيني فحسب، بل أعاقت الجهود المبذولة لحمل المملكة السعودية على الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية”.
وبرأي المسؤول الأميركي السابق يدرك بلينكن كذلك أن أي جهد لإحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية غير مرجح في هذه المرحلة، لكنه ربما يأمل في بذل بعض الجهود لتحسين نوعية حياة الفلسطينيين من أجل درء انتفاضة أخرى.
ومن ناحية أخرى، أشار مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، السفير ديفيد ماك، إلى أن بلينكن سيوضح لنتنياهو أن “إدارة بايدن تدرك على أعلى مستوياتها ما يحدث داخل مجلسه الوزاري”.
وسيوضح الوزير -حسب ماك- أنه “بينما يلتزم نتنياهو بوعود يجب الوفاء بها ليس فقط لأعضاء ائتلافه اليميني المتطرف، ولكن أيضا للحليف الإستراتيجي الأول لإسرائيل، وعندما يتعلق الأمر بمصالح الأمن القومي الإسرائيلي مثل ردع تحركات إيران وحزب الله، فلن تحصل إسرائيل على أي مساعدة من بن غفير وسموتريتش وأرييه درعي، بل ستحصل عليها من واشنطن”.
أبرز الملفات التي يحملها بلينكن
أشارت دراسة حديثة لخدمة أبحاث الكونغرس، وهي الجهة البحثية التي توفر بيانات لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، إلى 5 قضايا رئيسية تتمحور حولها علاقات الولايات المتحدة بإسرائيل حاليا، وأبرزها:
- مستقبل المساعدات الأميركية لإسرائيل
إذ تُلزم مذكرة تفاهم ثنائية وُقعت عام 2018، ووافق عليها الكونغرس، واشنطن بتقديم مساعدات عسكرية مدتها 10 سنوات بمبلغ سنوي 3.3 مليارات دولار، إضافة إلى إنفاق 500 مليون دولار سنويا على برامج الدفاع الصاروخي الإسرائيلي المعروف باسم “القبة الحديدية”.
وتحاول إسرائيل ضمان استمرار تدفق المساعدات لما بعد 2028 من خلال اللقاءات التي تجمعها بكبار المسؤولين الأميركيين.
- ملف العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية
تكرر واشنطن دعمها لحل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويسعى مسؤولو إدارة بايدن إلى المساعدة في إدارة التوترات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتعزيز العلاقات الأميركية الفلسطينية التي توترت خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
وتحذّر واشنطن بانتظام من الخطوات التي يتخذها الإسرائيليون أو الفلسطينيون والتي يمكن أن تخاطر “بإثارة العنف” كما تصفه، وتقويض رؤية الدولتين، بما في ذلك التوسع الاستيطاني وعنف المستوطنين وعمليات الهدم والإخلاء والتحريض على العنف ودفع الأموال للأسرى الفلسطينيين.
وتوقّع السفير ماك أن يكون “هناك احتكاك خلال زيارة بلينكن حول سياسات الحكومة الإسرائيلية الجديدة تجاه الفلسطينيين، سواء داخل إسرائيل أو في الأراضي التي تسيطر عليها والسكان الذين تهددهم في غزة والضفة الغربية، خاصة أن بايدن يحظى بدعم في اتخاذ موقف أكثر صرامة حيال حكومة نتنياهو من الأغلبية التقدمية للجالية اليهودية الأميركية”.