Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
خبر عاجل

هل تحب مشاهدة مقاطع غسيل السجاد والتنظيف العميق؟ اطمئن أنت لست وحدك


“شاهد: كيفية عمل غسالة الأطباق (الصحون) من الداخل”، بهذا العنوان، جرى تداول مقطع مُصوّر على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، لا تتجاوز مُدّة المقطع 3 دقائق، جد نفسك خلال هذه الدقائق مُركزا انتباهك على الأطباق المتسخة ودفعات المياه التي تُلقى عليها عدة مرات من اتجاهات مختلفة وبمستويات قوة متباينة، حتى تصبح نظيفة تماما، يصاحب نظافتها شعور غير مفهوم بالارتياح وربما الاسترخاء الذي يتسلل إليك.

حسنا، دعنا نطمئنك أنك لست وحدك في ذلك. يتعجب الكثيرون من شعور الراحة وهدوء الأعصاب الذي يجتاحهم لدى مشاهدة فيديوهات التنظيف، وخاصة التنظيف العميق، الذي يتضمن إزالة البقع الصعبة من السجاد أو تنظيف مكان بالغ الفوضى. قد لا يستطيعون إيقاف أنفسهم عن مشاهدة مقاطع التنظيف المتتالية، وقد يجدون أنهم قضوا ساعات طويلة مستغرقين تماما في مشاهدة هذه المقاطع.

(شترستوك)

الأمر يمتد إلى المشاهير أيضا، ففي أحد المنشورات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أكد الفنان المصري “أحمد أمين” انجذابه لهذا النوع من المقاطع، قائلا: “أنا عايز أعترف بحاجة بس مش عايز أسقط من نظر حد، أنا بحب اتفرج على فيديوهات الناس اللي بتنضف السجاد”، جاءت تعليقات متابعي أمين لتؤكد له أنه ليس بمفرده، وأن الكثيرين يتشاركون هذه الهواية العجيبة(1).

دعونا نؤكد أيضا أن الأمر حالة عالمية لا تقتصر على بلد بعينه، ولا تقف حتى عند حدود العالم العربي بأسره. يشعر ملايين الأشخاص حول العالم بالرضا والراحة عند مشاهدة الأطباق وهي تُغسل أو السجاد وهو يُنظف، لدرجة أن تطبيقات مثل تطبيق “تيك توك” قد خصصت علامة تصنيف مثل “#CleanTok” تحتوي على مواد مصورة لعمليات تنظيف مختلفة، استطاعت أن تُحقق ما يزيد عن 62 مليار مشاهدة لحظة زيارتنا لصفحة التصنيف(2).

السر في إيسمار

(شترستوك)

يستخدم مصطلح “إيسمار (ASMR)” لوصف الإحساس بالوخز والاسترخاء الذي أفاد بعض الأشخاص أنهم يختبرونه عندما يتعرضون لبعض المحفزات الصوتية أو المرئية. ترمز حروف “ASMR” إلى ما يعرف بـ”استجابة القنوات الحسية الذاتية”، ويعرفها البعض باسم “النشوة الدماغية”. لا يختبر كل الناس هذا الشعور، لكن أولئك الذين اختبروه يصفون وخزا لطيفا يبدأ في الجزء العلوي من رأسهم ثم ينتقل أحيانا إلى أسفل العمود الفقري والأطراف، مصحوبا بمشاعر الاسترخاء والنعاس. يمكن أن تتضمن المنبهات التي تثير هذه الاستجابة مواقف معينة تداعب حواس البصر أو اللمس أو السمع. قد يشعر شخص ما باستجابة كهذه عندما يسمع صوتا هامسا، بينما قد يشعر شخص آخر بهذه الاستجابة عندما يلعب شخص ما بشعره، قد يشعر شخص ثالث باستجابة شبيهة عند سماع أصوات طقطقة (تفقيع) الورق أو صوت الكتابة والنقر على لوحات مفاتيح أجهزة الحاسوب(3).

نعود للانجذاب لفيديوهات التنظيف، إذا تساءلنا حول السبب الذي يجعل أي شخص يشاهد مقطع فيديو لتظيف كابينة استحمام قذرة، فإن الإجابة ستكون هي الأسباب نفسها التي تجعل الناس يشاهدون مقاطع طقطقة الورق أو النقر على لوحات المفاتيح. تفسير كلا الأمرين هو أن التجربة السمعية والبصرية في هذه المواد يمكن أن تثير استجابة ممتعة أو مُهدئة، ففي حين يصل البعض إلى هذا الشعور من خلال الاستماع إلى الأصوات الناعمة مثل الهمسات، يُفضل البعض الآخر الأصوات والمشاهد المرتبطة بالتنظيف، مثل أصوات تشغيل صنابير المياه واحتكاك شعيرات الفرشاة بالسجاد أثناء غسله(4).

في هذا الصدد، أجرت دراسة عام 2018 فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) على المشاركين الحساسين لاستجابة “إيسمار” أثناء مشاهدتهم أنواعا مختلفة من المحفزات التي تُثير هذه الاستجابة، لاحظ الباحثون أنه قد تم تنشيط نفس المناطق الدماغية المسؤولة عن المكافأة والإثارة العاطفية. عادة ما تنشط هذه المناطق حين يفرز الدماغ هرمونات الدوبامين والأوكسيتوسين والإندورفين، وهي مواد تُعزز الشعور بالراحة والاسترخاء والنعاس(5).

ربما لست مثلهم

(شترستوك)

ربما يفاجأ أحد قرائنا الآن بأنه لا يختبر هذه المشاعر ويتساءل عن ذلك، والإجابة أن هذا طبيعي أيضا، فرغم كثرة عدد من تستهويهم مشاهدة فيديوهات التنظيف، فإن البعض لا ينجذب بأي درجة لمشاهدة هذا النوع من المحتوى. وجدت دراسة أُجريت عام 2018 أن نسبة تصل إلى 81% من الأشخاص المشاركين في الدراسة كانت قادرة على تجربة استجابة من هذا النوع، هذا يعني أن نسبة 19% من الأشخاص المشاركين في التجربة ذاتها لم يتمكنوا من تحقيق هذه الاستجابة(6).

توضح دراسات أخرى الفوارق والحدود الفاصلة بين من يختبرون تجربة “إيسمار” وبين أولئك الذين لا يختبرونها. على سبيل المثال، أوضحت دراسة نُشرت في شهر أغسطس/آب من عام 2017 أن الأشخاص الذين يتمكنون من تجربة استجابة “إيسمار” قد يكون لديهم مستويات أعلى من التعاطف والقدرة على التخيل والانفتاح على التجارب من أقرانهم(7)، وعلى النقيض، كشفت دراسة أخرى نُشرت العام الماضي أن المشاركين الذين يحققون استجابة من هذا النوع لديهم مستويات أعلى بقليل من الحد الطبيعي من العصابية والقلق(8).

في الحقيقة، ربما يُقدّم التوتر وارتفاع مستويات القلق لدى بعض الناس تفسيرا لانجذابهم إلى مقاطع التنظيف. تقول المعالجة النفسية “كارولين جيفن” لموقع كوزموبوليتان: “إن هذه الأنواع من مقاطع الفيديو تثير فضول أولئك الذين يعانون من التوتر أو اليأس أو يتعاملون مع الاكتئاب بشكل خاص”. وفقا لجيفن، فإن رؤية شخص ما يُنهي غسيل أكوام من الأطباق المتسخة المتراكمة في حوض الأطباق، أو يغسل ويُنظم أكوام الملابس المتراكمة في كل مكان، هو أمر يخلق الأمل بدرجة ما، لأننا نحصل على وصول بصري إلى الشفاء الداخلي الذي بدأ يتجسد أمامنا في هيئة تنظيف مكان ما وترتيبه(9).

(شترستوك)

يتفق أميت إتكين، الطبيب النفسي وعالم الأعصاب والأستاذ في جامعة ستانفورد الأميركية، مع جيفن في أن الرغبة في تخفيف حدّة ما يشعر به المرء من قلق وتوتر وعدم يقين هي سبب رئيسي في الانجذاب لمشاهدة فيديوهات التنظيف. يشرح “إتكين” لمجلة “wired” ما يحدث من منظور عصبي قائلا: “في القشرة الدماغية، الطبقة الخارجية من الدماغ، أنظمة مسؤولة عن عدد من الوظائف العليا، بما في ذلك الوظائف المعرفية مثل التخطيط والانتباه والتفكير والذاكرة والتعلم، وأيضا الوظائف العاطفية والوظائف الحسية والوظائف الحركية”.

ونظرا إلى أن الدماغ يجد عدم اليقين أو عدم القدرة على التنبؤ شيئا سيئا، فإن العالم العاطفي للشخص سوف يتأثر بالكامل عند حدوث إشارة من الدماغ بأن هناك حالة من عدم اليقين. عادة ما تؤدي إشارة عدم اليقين إلى الرغبة في زيادة التحكم والسيطرة، وهي حالة الانجذاب لفيديوهات التنظيف والتنظيم. فمن خلال مشاهدة خطوات التنظيف بما تحمله من القدرة على التنبؤ، نقوم بمقاطعة استجابة أذهاننا لحالة عدم اليقين وتحويل التركيز بعيدا عن عوامل الضغط الرئيسية التي تحمل حالة عدم اليقين في محيطنا(10). هنا تتمكن مقاطع الفيديو الخاصة بالتنظيف والتنظيم المنزلي من أن تساعد الشخص على التحول من ضغوط عدم اليقين إلى إطار ذهني أكثر هدوءا.

ولكن رغم جميع عوامل الجذب السابقة، التي تخلق شعبية خاصة وكبيرة لمقاطع التنظيف، هناك جانب سلبي لهذه المقاطع، وهي أنها تُعرضنا في نهاية المطاف لقصف كثيف مكون من صور لحياة الآخرين ومنازلهم، ولكون الإنسان قد يميل بشكل طبيعي إلى التنافس، فهذا يعني أننا قد نحكم على أنفسنا أو حياتنا سلبا بعد مشاهدتها. هذا الأمر هو ما تُحذر منه “ساشا حمداني”، الطبيبة النفسية في كانساس-الولايات المتحدة، موضحة أن إجراء المقارنات في هذا السياق هو أمر غير واقعي، مشيرة إلى أن صانعي هذا النوع من المحتوى لا يعيشون بهذه الطريقة طوال الوقت. هنا ترى حمداني أن الأفضل من عقد المقارنات هو أن تسأل نفسك كيف يمكنك الاستفادة من هذا الفيديو لتحسين عاداتك وروتينك، لجعل محيطك والأشياء التي تقوم بها أسهل أو أكثر إرضاء من الناحية الجمالية.

مشاهدة التنظيف أم ممارسة التنظيف؟

(شترستوك)

يتبقى لنا سؤال أخير يطل برأسه حول هذه الظاهرة، وهو: لماذا يكون الانجذاب لمشاهدة مقاطع الفيديو التي تتناول أمور التنظيف والتنظيم أكثر جذبا من ممارسة النظام والنظافة في حياتنا بشكل فعلي رغم أن الممارسة وحدها هي ما يحسن حياتنا بشكل فعلي؟ تشرح “كريستي فيليبس”، أخصائية علم النفس في مينيسوتا بالولايات المتحدة، لمجلة “wired” قائلة: “أدمغتنا تحب النظام، ونحن نعلم أن وجود محفزات أقل من حولنا يساعد في تعزيز الاسترخاء، لكن مشاهدة هذا الأمر أحب إلينا وأيسر من تنفيذه في حياتنا الواقعية”.

ببساطة، نحن نميل إلى مشاهدة شخص يرتب خزانة أغراضه، أكثر من ترتيبنا لخزانة أغراضنا نحن، ليس بسبب عدم رغبتنا في بذل جهد فقط، لكن لأن الأمر يتعلق بالتعامل مع جوانب قد تكون أكثر تعقيدا من الفوضى في حياتنا. تُوضّح فيليبس هذا قائلة: “عندما نحاول تنظيم مساحاتنا الخاصة، يكون لدينا ارتباط عاطفي ببعض العناصر، سواء كانت هناك ذكريات مرتبطة بهذه الأشياء أو مجرد الشعور بالذنب للتخلص من شيء أنفقت المال عليه، هنا يمكن أن تصبح مهمة الوزن الذهني لكل عنصر عملية مرهقة. في المقابل، فإن مشاهدة مقطع فيديو، نرى خلاله التقدم السريع لشخص آخر وهو يقوم بعمليات وخطوات التنظيف والترتيب لمكان ما، تمنحنا الأمل والإيجابية والشعور بالتحكم والسيطرة”(10). يمكنك ببساطة من خلال مشاهدة فيديوهات التنظيف تحقيق هذه النتائج دون بذل المجهود البدني والذهني والنفسي الذي قد تتكبده عند تنظيف خزانتك بشكل فعلي.

النقطة السابقة تؤكدها “إيلينا توروني”، استشارية علم النفس والمؤسس المشارك لعيادة علم النفس في تشيلسي-بريطانيا، مشيرة إلى أن مشاهدة الآخرين وهم يتخلصون من الفوضى هي طريقتنا للشعور بالرضا دون الاضطرار إلى القيام بالعمل بأنفسنا، تقول توروني: “عندما نشاهد الآخرين يقومون بعمليات التنظيف والتنظيم، نكون قادرين على وضع أنفسنا في مكانهم؛ ما يمنحنا شعورا مشابها بالرضا، كذلك يمكن للتنظيف والترتيب أن يمنحنا إحساسا بالسيطرة على بيئتنا، وهو ما يخلق أيضا الشعور بالرضا والارتياح”.

تشير توروني إلى أن القيام بالترتيب والتنظيم والتنظيف بشكل واقعي هو شيء قد نجد أننا نماطل بشأن القيام به لدرجة تجعلنا نشعر بالإرهاق. يمكن أن تخفف مشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة بإجراء الآخرين لعمليات التنظيف من مشاعر الإرهاق هذه وتجعلنا نشعر بالإلهام للتوقف عن التسويف وتأجيل الأمور التي لا مفر من القيام بها. ربما لهذا السبب نستمتع بمشاهدة شخص ما يفعل شيئا نكافح من أجل القيام به بأنفسنا(11).

_________________________________________

المصادر:

  1. تغريدة أحمد أمين
  2. #cleantok
  3. What Is ASMR?
  4. Why Deeههههههههههخp-Cleaning Videos Are So Satisfying to Watch
  5. An fMRI investigation of the neural correlates underlying the autonomous sensory meridian response (ASMR)
  6. More than a feeling: Autonomous sensory meridian response (ASMR) is characterized by reliable changes in affect and physiology
  7. Assessing Individual Variation in Personality and Empathy Traits in Self-Reported Autonomous Sensory Meridian Response
  8. Untangling the tingle: Investigating the association between the Autonomous Sensory Meridian Response (ASMR), neuroticism, and trait & state anxiety
  9. Why Can’t I Stop Watching Decluttering And Organizing Videos?
  10. Why Watching Decluttering Videos Feels So Good
  11. Why decluttering videos are so alluring to watch

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى