آلة العود.. تراث يرافق السوريين أينما حلوا | ثقافة
العود لدى السوريين ليس مجرد آلة موسيقية، بل هو جزء لا يتجزأ من تاريخهم وحاضرهم، وسيبقى كذلك في مستقبلهم، فحكايته في بلادهم تعود إلى آلاف السنين.
تشتهر سوريا بصناعة آلة العود والعزف عليها، فهذه الصناعة واحدة من الحرف اليدوية التي تحتاج إلى مهارة كبيرة، كما أن للعود السوري أنغامًا خاصة تميزه عن غيره من آلات العود.
وللسوريين وفاء كبير للعود، فهو يتنقل معهم أينما ذهبوا، يعلّمون العزف عليه ويتعلمونه، حتى في ظروف اللجوء والاغتراب.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أدرجت منظمة اليونيسكو صناعة العود السوري والعزف عليه على قائمتها للتراث الإنساني وأعطت شرحًا عن صناعته ونغماته.
وهناك نوعان من العود العربي والتركي، والفارق الرئيس بين الاثنين هو أن العود العربي يكون أكبر حجما من نظيره التركي، وذلك يعطيه صوتًا أعمق مقارنةً بالتركي الذي يعد أكثر حدة وارتفاعا.
“جزء من هوية سوريا”
أدهم غيث معلم وتريّات يدرّس محبي الموسيقى فنون العزف على العود في معهد موسيقي بمدينة إسطنبول التركية.
وفي حديث للأناضول، قال غيث إن “العود آلة عريقة جدا في التراث العربي عمومًا، تعود أصولها إلى منطقة الرافدين التي تضمّ أجزاء من سوريا والعراق، وكانت لها أشكال بدائية تطوّرت مع الزمن حتى وصلت إلى شكلها الحالي”.
ولفت غيث إلى أن “العود جزء أساسي من هوية المنطقة عمومًا وسوريا تحديدًا، لأنها الآلة رقم واحد لأي ملحّن وعازف في سوريا”.
وعن الأسباب التي دفعته إلى تعليم العود، أوضح أن “إسطنبول فيها عددٌ كبير من العرب الذين جاؤوها لأسباب مختلفة، ولم يتمكنوا من التعلم في مدارس العود التركية العريقة بسبب عائق اللغة”، الأمر الذي شجعه على القيام بهذا العمل.
وأضاف “أحب أن أمارس مهنتي في تعليم الناس الذين لديهم حب للموسيقى وحب للعود، لنثبت أن هناك جانبا مشرقا للحياة رغم البعد عن الوطن”.
وفي حديثه، بيّن غيث أن لدى العرب في تركيا إقبالًا على تعلم الموسيقى على مختلف الآلات، إلا أن “للعود مكانة خاصة والإقبال عليه نابع من الهوية والانتماء”.
وتابع “بدأت قبل 6 سنوات، ولديّ طلاب بلغوا مستويات متقدمة بالعزف، وأشعر بالفخر بهم، وأنا على تواصل دائم معهم وأدعمهم في كل ما يحتاجونه”.
وأكد أن “العمر ليس عائقًا للتعلم على عزف العود”، حيث كان لديه طالب يبلغ 60 عامًا وبلغ مستويات جيدة في العزف، حسب قوله.
المعهد ورحلته في 6 سنوات
وليام دادا مدير المعهد قال إن فكرة المعهد انطلقت منذ نحو 6 سنوات ضمن السعي للحفاظ على التراث العربي باعتبار الموسيقى جزءا من الثقافة والتراث.
وتحدث دادا عن تحديات واجهوها ولكنهم تغلبوا عليها بفضل المعلمين، مشيرًا إلى أن المعهد يدرّس إلى جانب العود الآلات الموسيقية الأخرى مثل الكمان والبيانو.
ووصف دادا الإقبال على تعلم العود بالجيد، معربًا عن طموحه في تشكيل فرقة متكاملة من الطلاب ونقل الموسيقى العربية إلى أكبر عدد ممكن من الدول في العالم.
الشابة شهد حمودة إحدى الطالبات في المعهد قالت للأناضول إنها تحب موسيقى العود منذ صغرها وسعيدة لتعلّمها، وإنها تتعلم لكي تعزف عليها دائمًا.
أما الطفلة راما من لبنان فقد بدأت حديثًا تعلم العزف على العود، وأعربت للأناضول عن طموحها في أن تشارك عازفة في فرق موسيقية في المستقبل، وتسافر مع العود حول العالم.