Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
خبر عاجل

114 شهيدا محتجزا منذ 2016 وعشرات قبلهم.. أمهات فلسطينيات يعشن في انتظار جثامين أبنائهن | حريات


نابلس- رغم تقدمها في السن، فلم تغب الفلسطينية السبعينية نجمة حمدوني (أم ياسر) عن عزاء الشهيدين فؤاد عابد ومحمد حوشية اللذين قتلهما الاحتلال قرب جنين شمالي الضفة الغربية، قبل أيام. وهو طريق اختارته لتخفف من حزنها وتؤازر أمثالها من أمهات الشهداء وذويهم.

فقدت نجمة حمدوني (72عاما)، من بلدة يعبد جنوبي جنين، نجلها ياسر حمدوني شهيدا قبل أعوام قليلة عندما كان معتقلا في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ 14 عاما، وبدل استقباله حرا، جيء به محمولا فوق الأكتاف.

وعُرفت أم ياسر حمدوني في صورة تحوّلت إلى أيقونة عندما حملت جسد ابنها بيديها بعد أن تسلمته جثمانا، ولا تزال -بعد سنوات من استشهاده- تملأ منزلها بالأعلام الفلسطينية وصور الشهداء، لا سيما صور ياسر في سجنه وفي أثناء تشييع جثمانه، وتحفظ وصيته برعاية أبنائه.

إلى جانب رعاية أبناء شهيدها وزيارة قبره يوميا، أضافت نجمة لنفسها مهمة أخرى، فأخذت تطوف بين جنائز الشهداء ومجالس عزائهم وبيوتهم لمؤازرة عائلاتهم.

وتقول حمدوني إنها لا تعرف حتى الآن كيف تحاملت على حزنها وسارعت لحمل جثمان نجلها الذي انتظرت لأعوام طويلة أن ينهي سجنه، فعاد إليها شهيدا.

لم تكن نجمة تعلم أنها أوفر حظا من أمهات كُثر لم يحظين بفرصة احتضان جثامين أبنائهن، والغناء الحزين لهم كما فعلت عند استلامه وتشييعه: “وين (أين) أزفك وين يا ابن الفقيرة.. بين العلمين وبفيْ (بظل) التينة، وين أزفك وين يا خي الخوات (الشقيقات).. بين العلمين وبفي العنبات”.

نجمة حمدوني تحمل جثمان نجلها ياسر الذي استشهد في سجون الاحتلال، وتهتم منذ سنوات بمؤازرة ذوي الشهداء (الجزيرة)

تمنت لو لم تره

بخلاف أم ياسر حمدوني التي “حظيت” بدفن ابنها بعد أيام من استشهاده، عاشت المقدسية عزية هلسة حزنها مضاعفا بعد قتل الاحتلال ابنها أشرف (30 عاما) عند إحدى بوابات المسجد الأقصى، واحتجاز جثمانه لأكثر من عامين ونصف العام، قبل أن تتسلمه قالبا من الجليد مؤخرا.

ورغم ارتياحها بعودة جثمانه واحتضانه ودفنه، فإن أم أشرف تمنَّت لو أنها لم تره من هول الحالة التي سُلم بها، وذكرت للجزيرة نت، كيف “بدا وجهه مسوّدا من شدة التجمّد، وقد اختفت ملامحه، كما أنه كان مهشّما بفعل التعذيب، وهو ما حرق قلبي أكثر”.

وبوجع كبير، قالت أم أشرف إن احتجاز جثامين الشهداء “يلوع قلوب عوائلهم ويزيدها حسرة”، مضيفة أن العائلة خاضت في مسارات قضائية طويلة للمطالبة بجثمان نجلها منذ لحظة استشهاده، لكن الاحتلال ماطل في ذلك لأكثر من عامين ونصف العام.

مئات الجثامين والرفات المحتجزة

ووفق آخر بيانات الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، تحتجز إسرائيل جثامين 114 شهيدا فلسطينيا منذ عودة سياسة احتجاز الجثامين عام 2015. ويضاف إليهم رفات 256 شهيدا صادرت إسرائيل جثثهم منذ سنوات وعقود طويلة، ودفنتهم في “مقابر الأرقام” ولم تسمح لعائلاتهم بتسلمهم ودفنهم وفق الأصول الدينية.

ويرفض الاحتلال الإفراج عن هذه الجثامين. وفي هذا الصدد، يقول منسق حملة استرداد الجثامين حسين شجاعية -للجزيرة نت- إن المحكمة العليا الإسرائيلية ردت على التماس قدمته الحملة لاسترداد الجثامين بأن إسرائيل تريد مساومة المقاومة الفلسطينية عليها، مقابل تسليم جنودها المحتجزين في غزة.

والدة الأسير سامي العمور الذي استشهد قبل أكثر من عام لا تزال تنتظر جثمانه (الأناضول)

“يكمل حكمه ميتا”

لا تزال أم الشهيد سامي العمور من قطاع غزة تحلم بعودته إليه، حتى لو كان جثمانا. وهي التي قضت عمرا بين سجون الاحتلال في زيارات لنجليها حمادة الذي أفرج عنه قبل سنوات، وسامي الذي استشهد داخل سجنه قبل أكثر من عام نتيجة سياسة الإهمال الطبي.

وبصوت حزين، تحدثت أم سامي (65 عاما) للجزيرة نت عن فقدان نجلها. وقالت إنها لا تصدق رحيله رغم إدراكها ذلك، وتنتظر عودة جثمانه لتدفنه وتلقي عليه نظرة الوداع. وتقول عن لحظة سماعها خبر استشهاده إنه “شعور لا يوصف بكل كلمات الدنيا”.

وتعيش أم سامي الآن على ما تبقى من ذكريات تحفظها من زيارتها المحدودة له قبل استشهاده. وبعد أن تنهدت وجعا، تقول أم سامي “قضى في اعتقاله 15 عاما حيا، ويكمل الآن بقية حكمه ميتا. سأظل أنتظره حتى أواريه الثرى”.

ولا تدخر هذه الأم جهدا للمطالبة بالإفراج عن جثمان ابنها عبر وسائل الإعلام المختلفة وخلال الفعاليات والأنشطة التضامنية مع الأسرى في السجون الإسرائيلية.

ومثلها تفعل والدة الشهيد مهند أبو زور -من مخيم بلاطة قرب نابلس  شمالي الضفة الغربية- الذي يحتجز الاحتلال جثمانه منذ عام 2002، فلا تترك أي نشاط للمطالبة بتسليمه، لكنها لا تجد لذلك سبيلا حتى الآن.

“بدنا أولادنا”

وتحت شعار “بدنا ولادنا” و”لنا أسماء، ولنا وطن”، تنفذ “الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء” والمؤسسات الحقوقية وعائلات الشهداء فعاليات دائمة للمطالبة بتحرير الجثامين المحتجزة، إضافة لأنشطة شعبية بات يطلقها الأهالي أنفسهم، كحملة عائلة الشهيد بلال رواجبة بنابلس، وكلها تضغط لتحرير جثامينهم.

وفي إحدى فعاليات المطالبة بتسليمهم، استُحضر نص للشاعر الفلسطيني محمود درويش مع صور العشرات من الشهداء المحتجزة جثامينهم، إذ يقول النص “أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها فعاد مستشهدا، فبكت دمعتين ووردة، ولم تنزوِ في ثياب الحداد”، وكأنه يختصر الحكاية كلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى