ارتفاع درجة الحرارة يضعف قدرة المحيطات على اختزان الكربون | علوم
بمجرد وصوله إلى قاع البحر، يتحد ثاني أكسيد الكربون مع السوائل المحيطة، مكونا بلورات جليد هيدراتية تغطي مسام الصخور، وتعمل غطاء ثانويا لثاني أكسيد الكربون.
قام فريق دولي من العلماء بجمع بيانات أكثر من 50 عاما من بعثات الحفر العلمية البحرية لإجراء أول دراسة من نوعها للكربون العضوي الذي يسقط في قاع المحيط، وينجذب إلى أعماق الكوكب.
وفحص الفريق -الذي يضم باحثين من جامعات أميركية وبريطانية- بيانات رواسب قاع البحر الموحلة التي تم جمعها خلال 81 رحلة من البرنامج الدولي لاكتشاف المحيطات (IODP) وأكثر من 1500 رحلة استكشافية على ظهر السفن.
وتتمثل إحدى طرق مكافحة تغير المناخ العالمي في امتصاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون، وهو غاز الدفيئة الرئيسي. ويعتقد الباحثون في جدوى نقل ثاني أكسيد الكربون السائل عن طريق السفن أو خطوط الأنابيب، وضخه في قاع البحر باستخدام تقنية مشابهة لتلك المستخدمة في قطاع النفط لحفر آبار أعماق البحار.
وبمجرد وصوله إلى قاع البحر، يتحد ثاني أكسيد الكربون مع السوائل المحيطة، مكونا بلورات جليد هيدراتية تغطي مسام الصخور، وتعمل كغطاء ثانوي لثاني أكسيد الكربون. وعلى مدى مئات السنين، يذوب ثاني أكسيد الكربون في المياه المحيطة.
وتشير الدراسة -التي نشرت يوم 4 يناير/كانون الثاني الجاري بدورية “نيتشر” (Nature)- إلى أن ارتفاع درجة حرارة المناخ يمكن أن يقلل من دفن الكربون العضوي ويزيد من كمية الكربون التي تعود إلى الغلاف الجوي، لأن درجات حرارة المحيط الأكثر دفئا يمكن أن تزيد من معدلات التمثيل الغذائي للبكتيريا.
مكون رئيسي للحياة على الأرض
وتقدم الدراسة الحساب الأكثر تفصيلا لدفن الكربون العضوي خلال 30 مليون سنة الماضية، مما يعني أن العلماء لم يكتشفوا بعد إلا القليل من المعلومات حول ديناميكيات دورة الكربون طويلة المدى للأرض.
ويعد الكربون أحد المكونات الرئيسية للحياة على الأرض، إذ ينتقل باستمرار بين الغلاف الجوي والغلاف الحيوي لكوكبنا بينما تنمو النباتات والحيوانات وتتحلل.
ويمكن أيضا أن تستغرق دورة بقاء الكربون بالأرض ملايين السنين، إذ يبدأ في مناطق الاندساس التكتوني، حيث يتم سحب الصفائح التكتونية الرقيقة نسبيا فوق المحيطات إلى أسفل الصفائح السميكة الموجودة فوق القارات، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع “يوريك ألرت” (EurekAlert).
وترتفع درجة حرارة القشرة المحيطية عند الغوص إلى أسفل مع غرقها، ويعود معظم الكربون إلى الغلاف الجوي على شكل ثاني أكسيد الكربون “سي أو 2” (CO2) من البراكين.
وفي تصريح للجزيرة نت، أوضح المؤلف المشارك بالدراسة “يي زانغ”، أستاذ علوم المناخ القديم والمحيطات المشارك بجامعة تكساس، أن النتائج أظهرت أن عملية دفن الكربون العضوي نشطة للغاية، كما أنها لا تسير بوتيرة واحدة وتستجيب للنظام المناخي للأرض أكثر بكثير مما كان يعتقد العلماء سابقا.
وأشار “زانغ” إلى أنه في حالة صحة الاستنتاجات الجديدة، فإنها ستعدل الكثير من معرفتنا بدورة الكربون العضوي. فمع ارتفاع درجة حرارة الماء، سيجد الكربون العضوي صعوبة أكبر في إيجاد طريقه إلى نظام الرواسب البحرية.
تأريخ الكربون
لعقود من الزمان، استخدم العلماء النسب النظيرية لتحديد الكميات المتناسبة من الكربون العضوي وغير العضوي المدفون في مراحل مختلفة من تاريخ الأرض. ووفق “زانغ” افترض الخبراء أن كمية الكربون المدفون قد تغيرت قليلا نسبيا خلال 30 مليون سنة الماضية بناءً على تلك الأبحاث والتقديرات.
يقول المؤلف المشارك في الدراسة “كان لدينا هذا المفهوم المتمثل في أخذ بيانات حقيقية وحساب معدلات دفن الكربون العضوي الخاص بالدراسات السابقة للتوصل إلى دفن الكربون العالمي، وأردنا التحقق مما إذا كانت هذه الطريقة التصاعدية تتزامن مع الطريقة القياسية للنظائر المشعة. ووجدنا صحة هذا الافتراض بشكل خاص خلال حقبة منتصف الميوسين، منذ حوالي 15 مليون عام”.
وقد درس العلماء منذ فترة طويلة كمية الكربون التي يتم دفنها في رواسب المحيطات، وتحتوي المواد المأخوذة من قاع المحيط على طبقات من الرواسب المتراكمة على مدى عشرات الملايين من السنين.
وباستخدام التأريخ الإشعاعي وطرق أخرى، أمكن للباحثين تحديد متى تم وضع رواسب معينة. كما تمكنوا أيضا من تعلم الكثير عن الظروف الماضية على الأرض من خلال دراسة المعادن والهياكل العظمية المجهرية للكائنات المحاصرة في الرواسب.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + يوريك ألرت