صاروخ “دونغ فينغ- 26”.. قوة ردع صينية تؤرق الولايات المتحدة الأميركية | الموسوعة
“دونغ فينغ -26” (Dong Feng – 26) أو “دي إف – 26” (DF-26)، وتعني “الرياح الشرقية” باللغة الصينية، هو صاروخ باليستي صيني “متوسط المدى” (IRBM) يعمل بالوقود الصلب، كشفت عنه بكين رسميا خلال استعراض يوم النصر العسكري سنة 2015 ودخل الخدمة فعليا سنة 2016.
يبلغ مداه 4 آلاف كيلومتر، وهو أول صاروخ باليستي صيني مسلح قابل للاستخدام في الضربات بالرؤوس الحربية التقليدية والرؤوس الحربية النووية ضد الأهداف البرية والبحرية، كما أنه قادر على توجيه ضربات دقيقة لهذه الأهداف، ويمكنه الوصول إلى جزيرة غوام الأميركية بالمحيط الهادي.
مواصفات وخصائص “دونغ فينغ -26”
الصنف: صاروخ باليستي متوسط المدى.
الطول: 14 متر.
القطر: 1.4 متر.
الوزن: 20 ألف كيلوغرام.
الحمولة: ما بين ألف و200 كيلوغرام وألف و800 كيلوغرام.
نوع الرؤوس: نووية وتقليدية.
طاقة الاشتغال: الوقود الصلب.
المدى: 4 آلاف كيلومتر.
ميزات خاصة
يتميز الصاروخ “دونغ فينغ -26” بقدرته على حمل رؤوس نووية وأخرى تقليدية في آن واحد، وبقدرة “تغيير الرأس الحربي، وليس الصاروخ في حد ذاته” وهذا يعد تحولا رئيسيا بين الأسلحة النووية والتقليدية، كما يمكن للصاروخ حمل 3 رؤوس حربية نووية يمكن فصلها لضرب أهداف متعددة.
وبالنظر إلى أن الصين تملك عددا محدودا من الأسلحة النووية، فإن “دونغ فينغ -26” يمكن أن يشكل رادعا نوويا، ويمنح بكين القدرة على هجوم مضاد نووي، سواء على المدى الطويل أو القصير، إضافة إلى الأدوار الإستراتيجية، وذلك من خلال ميزة التحول من رأس حربي تقليدي إلى رأس حربي نووي.
وهذا يعني أن الصين يمكنها توجيه ضربات مباشرة إلى أراضي غوام الأميركية في حال نشوب حرب بينهما، ويمكنها أيضا أن تستهدف الأسطول الأميركي لحاملة الطائرات العملاقة “نيميتز” (Nimitz)، من طراز فورد، التي تعمل بالطاقة النووية.
سلاح ذو حدين
يعتبر صاروخ “دونغ فينغ -26” من الأسلحة المتطورة التي يمتلكها الجيش الصيني، فهو قادر ليس فقط على شن هجمات نووية سريعة مضادة، ولكن أيضا لتوجيه ضربات دقيقة على أهداف متوسطة وبعيدة المدى في البر والبحر.
“دونغ فينغ -26” هو أول صاروخ صيني باليستي قادر على الوصول إلى أراضي جزيرة غوام الأميركية في المحيط الهادي.
وقد أطلق المحللون الأميركيون على هذا الصاروخ اسم “قاتل غوام” (Guam-Killer) في إشارة لجزيرة غوام التي تضم القاعدة العسكرية “أندرسون إيه إف بي” (Anderson AFB).
ويمكن لـ “دونغ فينغ -26” أيضا أن يكون حاسما في الصراع الإقليمي بين بكين وواشنطن، خاصة فيما يتعلق بقضية تايوان.
التاريخ
في أبريل/نيسان 2018، كشف جيش التحرير الشعبي الصيني النقاب عن 22 صاروخا باليستيا متوسط المدى من طراز “دونغ فينغ -26” في عرض عسكري، لكن قبل ذلك بـ 3 سنوات تم رصد الصواريخ التي يبلغ طولها 14 مترا لأول مرة في عرض عسكري بذكرى “يوم النصر” الصيني.
ونظرا لكون جميع الصواريخ الباليستية الصينية تشترك في الاسم الأول لها “دونغ فينغ” (الرياح الشرقية) فإن اسم الصاروخ “دونغ فينغ -26” لا يكشف سوى القليل عن قدراته.
وظل الجيش الصيني يعتبر دائما أن القواعد العسكرية الأميركية الموجودة بجزيرة أوكيناوا اليابانية والفلبين تقع ضمن “سلسلة الجزر الأولى” وهي قواعد يمكن للجيش الأميركي أن يستخدمها بسهولة لشن هجمات على الصين باستخدام طائرات حربية قصيرة المدى نسبيا.
لذلك خلال سنوات ثمانينيات القرن العشرين شرع الجيش الصيني في بناء قوة عسكرية هائلة ضمت أكثر من ألف و200 صاروخ باليستي قصير ومتوسط المدى، ويمكن لهذه الصواريخ أن تهدد تلك القواعد الأميركية وتقضي عليها، وعلى تلك الموجودة في تايوان.
إضافة إلى ذلك، يرى الجيش الصيني أن الولايات المتحدة تمتلك خط دفاع ثانيا شرق اليابان، وهي جزيرة غوام، التي توجد في سلسلة جزر ماريانا، وتضم قاعدة “أندرسون” العسكرية الأكثر أهمية للجيش الأميركي بالمحيط الهادي والتي تستضيف بانتظام قاذفات القنابل الإستراتيجية من طراز “بي-1 وبي-2 وبي-3” (B-1 وB-2 وB-52).
وتضم الجزيرة أيضا ذخيرة أسلحة ضخمة ومخازن وقود لتسليح الطائرات الحربية الأميركية، إضافة إلى تجديد سفن البحرية واستقبال مشاة المارينز، وتتم حراسة الجزيرة بواسطة صواريخ باتريوت وصواريخ ثاد للدفاع الجوي.
مقابل ذلك كان الجيش الصيني يفتقر إلى صواريخ ذات مدى طويل لعبور ألف و900 ميل من أجل ضرب غوام، باستثناء الصواريخ الباليستية العابرة للقارات المسلحة نوويا، والتي يمكن أن تضرب أيضا المدن الرئيسية للولايات المتحدة.
ومع ذلك، لا تمتلك الصين سوى بضع مئات من الرؤوس الحربية النووية مقارنة بالآلاف التي لدى كل من روسيا والولايات المتحدة، ولذلك كان الجيش الصيني دائما يفضل طريقة الردع بدلا من وضع الحرب النووية الهجومية.
وبعدها، وجد الجيش الصيني حلا جيدا في صاروخ “دونغ فينغ -26″، والذي يتميز بمدى يقدر بـ 1900 إلى 2500 ميل بحري (ما بين 3 آلاف و4 آلاف كيلومتر).
رادع لحاملات الطائرات الأميركية
عندما كشفت الصين عن الصاروخ “دونغ فينغ -26” لأول مرة سنة 2015، قالت وسائل إعلام محلية إن هذا الصاروخ سيحمل رؤوسا حربية تقليدية وأخرى نووية، وستكون منه نسخة أخرى مضادة للسفن، وهذا ما أكدته لاحقا وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”.
وفي تقييمها للقوة العسكرية الصينية عام 2016، قال البنتاغون “إن بكين بدأت في إرسال الصاروخ الباليستي متوسط المدى دونغ فينغ -26” القادر على تنفيذ ضربات تقليدية ونووية دقيقة ضد أهداف أرضية وأخرى بحرية غرب المحيط الهادي.
وفي تقرير صدر في يوليو/تموز 2017 عن مركز الأمن الأميركي الجديد، قام المؤلفان، توماس شوغارت وخافيير غونزاليس، بمحاكاة هجوم صيني استباقي على القواعد الأميركية باليابان، ووجدا أن النتائج ستكون مدمرة، بحيث يمكن أن “تتعرض جميع المقرات الرئيسية الثابتة والمنشآت اللوجستية للقصف” وأيضا “قصف كل السفن الأميركية تقريبا الموجودة بميناء اليابان بالصواريخ الباليستية”.
كما أن محاكاة شوغارت وغونزاليس توصلت إلى أن معظم المدارج العسكرية ستنهار بالهجوم في حال حدوثه، مما يؤدي فعليا إلى إعاقة القوات الجوية الأميركية باليابان.
كما يمكن لصواريخ “دونغ فينغ -26” أن تعزز قدرة الصين على تنفيذ هجوم مماثل على جزيرة غوام، حيث يتمركز ما يقرب من 4 آلاف جندي أميركي.
وفيما يخص الصاروخ “دي إف-21 دي” (DF-21D) المتغير أو النسخة المضادة للسفن من “دونغ فينغ -26” فقد حظي باهتمام كبير في الصحافة الغربية حول قدرته على إغراق حاملات الطائرات الأميركية.
ولهذا من الناحية النظرية، قد يجبر المدى الطويل للصاروخ “دونغ فينغ -26” القوات الأميركية على العمل بعيدا عن سلسلة الجزر الثانية بالصين، في حين أن “دي إف-21 دي” قد يقتصر على سلسلة الجزر الأولى.
شبح الظلام يؤرق الصينيين
تعتبر عملية إطلاق الصواريخ ليلا، وإصابة الهدف المطلوب في جنح الظلام، من التحديات الكبرى التي تواجه قوات الجيش الصيني، خاصة أن عملية الإطلاق تحدث إضاءة شديدة بالمكان الذي ينطلق منه الصاروخ، الأمر الذي من شأنه أن يُسهل تحديد إحداثيات وجود منصة الإطلاق عن طريق الطائرات بدون طيار أو أقمار صناعية أو سفن، بحسب المدة الزمنية لعملية الإطلاق وحجمها.
والصاروخ “دونغ فينغ -26” الصيني المضاد للسفن يحدث أثرا ضوئيا كبيرا عند انطلاقه ويمكن رصده في الظلام عن طريق الأشعة تحت الحمراء طويلة المدى، الموجودة على متن الطائرات بدون طيار والمروحيات والسفن المتمركزة لهذا الغرض، لإرسال بيانات الرصد والتعقب إلى السفن الدفاعية.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ صاروخ “دونغ فينغ -26” يطلق عند اقترابه من الهدف بعض الترددات اللاسلكية الإلكترونية التي يمكن تعقبها عن طريق تقنيات الرصد.
كما أن الإشارات الكهرومغناطيسية الخاصة بعملية الرصد تعمل من جهتها بطريقة مستقلة عن الضوء، ولكنها في الوقت نفسه تنتقل بسرعة الضوء، وهو ما يُسرع عملية الرصد وتعقب صواريخ “دونغ فينغ -26” لحظة اقترابها من الهدف.
قلق أميركي
تعتبر إحدى أولويات الولايات المتحدة -في “أزمتها” العسكرية مع الصين- البحث عن نظام أسلحة جديد يمكنها من احتواء ومواجهة تهديدات الصواريخ الصينية المتوقعة، حيث إن التقدم التكنولوجي الهائل الذي حققته بكين في مجال الأسلحة جعل هذا الأمر أكثر تعقيدا بالنسبة لواشنطن.
وكان الرئيس السابق للقيادة العسكرية الأميركية بالمحيطين الهندي والهادي قد حث الكونغرس بداية عام 2021 على بناء قاعدة دفاع صاروخي جديدة بالمحيط الهادي كجزء من إستراتيجية أكبر لمواجهة التهديد العسكري الصيني للمنطقة.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، وافقت الولايات المتحدة على ميزانية قدرها 768 مليار دولار موجهة لوزارة الدفاع، بما في ذلك 7.1 مليارات خاصة لمبادرة الردع في المحيط الهادي “بي دي آي” (PDI) الهادفة إلى مواجهة التهديد العسكري الصيني، بزيادة قدرها 2.1 مليار عن الاقتراح الذي كان قد تقدم به البنتاغون.
وقبل ذلك بسنتين، كان الجيش الصيني قد أجرى اختبارات بإلقائه صواريخ باليستية مضادة للسفن في بحر جنوب الصين أوائل يوليوز/تموز 2019.
وقد سلطت هذه الاختبارات الضوء على زيادة عسكرة بكين للمياه الإقليمية في هذه المنطقة الغنية بالموارد، والتي تتضارب ادعاءات العديد من الدول بشأنها.