Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
خبر عاجل

“قيد التجنيد”.. مخابرات الهواة وموظفو الأرشيف | فن


الوجه الطفولي لبطل العمل نواه سنتينيو، الذي خرج لتوه من أدوار طالب الثانوية بعد نجاح كبير فيها وآخرها فيلم “إلى كل الأولاد الذين أحببتهم من قبل” (To All the Boys I’ve Loved Before) 2018، ساعد على فصل المشاهد تماما عن التعامل بجدية مع عميل مخابرات المخابرات الذي اعتادت هوليود تقديمه بوجه متجهم وابتسامة لئيمة.

تعمل الفنون كأجهزة إنذار مبكر للمجتمعات، فهي ترصد الواقع وتتنبأ بما يمكن أن يكون عليه في المستقبل، لكن الوظيفة الأهم للأعمال الدرامية من أفلام أو مسلسلات هي توثيق ذلك الواقع بكل تفاصيله.

ولعل تلك الوظيفة هي سر الاهتمام بالتفاصيل في العمل، مثل طراز (موديل) سيارة البطل، وأثاث منزله، وملامح المدينة أو القرية التي يدور الصراع الدرامي فيها.

وسجلت العديد من الأعمال الفنية نبوءات، ثبت صدقها فيما بعد، ورصدت بعضها ظواهر وجدت ولم تلحظها سوى عين الفنان التي أعادت تجسيدها عبر الكاميرا.

ويقدم مسلسل “قيد التجنيد” (The recruit) الذي يعرض حاليا على شاشة نتفليكس رؤية تتعلق بأكثر الأجهزة سرية في العالم وهو جهاز المخابرات المركزية الأميركية (CIA)، ويقتحمه من الداخل، ليخرج بصورة مناقضة تماما لتلك الصورة المعروفة عنه والتي أسهمت هوليود في بناء جزء كبير منها عبر أفلامها.

وتدور أحداث الحلقات الثماني للمسلسل حول أوين هندريكس (الممثل نواه سنتينيو)، وهو خريج حديث اختير ليعمل في وكالة المخابرات المركزية، ومنذ الأسبوع الأول في الوظيفة تنقلب حياته رأسًا على عقب، خاصة عندما يكتشف رسالة تهديد من المخبرة السابقة ماكس ميلادزي (الممثلة لورا هدوك) التي تخطط لفضح الوكالة ما لم تحصل على تبرئتها من جريمة خطيرة.

يتورط الموظف الجديد في عالم خطير من القتلة، ويضطر إلى السفر حول العالم على أمل إكمال مهمته وإحداث بصمة في وكالة المخابرات المركزية.

صراع الموظفين نواه سنتينيو وآرتي مان وكولتون دان في “قيد التجنيد” (آي إم دي بي)

استطاع مخرج العمل مع طاقم التصوير أن يقدموا صورة جميلة وسلسة، ورغم العنف المدمج داخل العمل، لم تظهر سوى علامات بسيطة تشير إليه ضمنا وليس صراحة إلا في المشاهد التي تتطلب وضوحا. يحسب للعمل أيضا تلك الجرأة التي تناول بها جهازا حساسا داخل الولايات المتحدة، بما فيه من شيخوخة وتراجع في الدور وانعدام في التنسيق الداخلي وترهل.

وجه طفل وشخصية جاسوس

حاول صناع العمل الجمع بين أجواء الأعمال الاجتماعية والكوميدية من جهة، والتشويق والإثارة في أعمال الجاسوسة، حيث استعرض حياة أوين هندرسون مع صديقته السابقة في شقة واحدة تشبه السكن الطلابي لمراهقي المدارس الثانوية، وأضفى طابعا كوميديا عليها من جهة، وتابع الخط الدرامي الرئيسي لمغامرات البطل وتورطه مع الأجهزة من جهة أخرى، فجاءت النتيجة مزيجا غير متجانس أشبه بعملين مختلفين مخلوطين معا.

الوجه الطفولي لبطل العمل نواه سنتينيو، الذي خرج لتوه من أدوار طالب الثانوية بعد نجاح كبير فيها وآخرها فيلم “إلى كل الأولاد الذين أحببتهم من قبل” (To All the Boys I’ve Loved Before) 2018، ساعد على فصل المشاهد تماما عن التعامل بجدية مع عميل المخابرات الذي اعتادت هوليود تقديمه بوجه متجهم وابتسامة لئيمة.

الحاجة إلى تقديم إطار كوميدي للعمل دفعت صنّاعه إلى تقديم شخصية العميل الأميركي فوضوية تماما وساذجة تماما، كل شيء حوله خارج سيطرته سواء في عمله المخابراتي أو في علاقاته الشخصية، يُختطف حيث لا يتوقع، ويتعرض للابتزاز من زملائه، ويتلقى الضغط من الجميع، ويقع في أزمات مادية، ويضطر إلى الاقتراض من صديقته السابقة التي تحاول حمايته.. إنها سمات ومواقف لشخصية كوميدية في فيلم اجتماعي لا مسلسل مخابراتي.

إيقاع

بدأ المسلسل في حلقتيه الأولى والثانية بحماسة واضحة، وحشد أحداثا مشوقة فيهما، فالمشاهد يجد شابا تخرج لتوه وقد ألقي به في أكثر بؤر المخابرات المركزية الأميركية ظلاما، ومن ثم يفاجأ بالعلاقة بينه وبين زملائه الأقدم تشبه العلاقة بين موظفي الأرشيف في واحدة من المصالح الحكومية في دولة بالعالم الثالث، فيُكلف بأسوأ المهام، ويُدفع إلى الأعمال المملة من دون أن يجرؤ على الاحتجاج باعتباره جديدا في العمل، إلى أن يصادف خطابا مهملا، فتبدأ المغامرة الحقيقية للعمل.

ومن أحد سجون الولايات المتحدة، يسافر إلى إحدى محطات الجهاز في اليمن دون تنسيق، ليعذّب على يد زملائه الذين لا يصدقون وصوله إليهم من دون تنسيق سابق، ونكتشف فيما بعد أنه “مقلب” من زملائه القدامى، وأغلب الظن أن موقفا مشابها لذلك لو حدث في الواقع لاستوجب الأمر محاكمة الزملاء.

يبدأ إيقاع المسلسل بالانهيار سريعا في الحلقات الباقية، حيث ينسج صناع العمل شبكة عنكبوتية من العلاقات بين أطراف مختلفة في مدن العالم.

حرص المخرج على تشكيل صورة خاصة للبطل أوين هندرسون فهو يتصف بالذكاء الشديد والدأب والشجاعة والقدرة على الاحتمال في موقف مناقض لطبيعة الشخصية.

ورغم كونه يتلقى في كل مرة “علقة ساخنة” سواء من الأعداء أو الأصدقاء فإنه لا يتردد أبدا، لهذا تتحول الوحدة التي يعمل بها في وكالة المخابرات المركزية الأميركية إلى الاعتماد عليه تدريجيا، وذلك في مقابل صورة غريبة لزملائه في المركز الرئيسي، الذين لا يجدون ما يفعلونه سوى تدبير المؤامرات له من باب الغيرة، والحرص على ألا يحظى بمكانة لدى المدير.

وتظهر الصورة أكثر إثارة للشفقة خارج المركز الرئيسي، حيث يزور هندرسون أحد المراكز الفرعية داخل أميركا ليجد مجموعة من الموظفين الذين يتميزون بالسمنة والكسل وقلة الحيلة، فيضطر إلى حل مشكلاته بنفسه.

البناء المنفصل

يفتقر العمل إلى وحدة حقيقية بين أحداثه وشخوصه، فلا تكفي الأسباب المنطقية لحدث، وآخر جاء نتيجة له. ثمة بنية أعمق افتقدها العمل تتعلق بالدراما التي تعد بالأساس إعادة صياغة لقصص الحياة مع اختزال كثير من التفاصيل للاقتصار على محاور محددة يدور حولها العمل.

بدا العمل منطقيا تماما، لكن المؤكد أن البطل نواه سنتينيو لم يكن يليق بالدور ولا يليق به الدور. ورغم محاولاته الجادة، فإن ملامح طالب الثانوية وطريقة أدائه في أعماله السابقة سيطرت عليه حتى في أكثر المواقف جدية في العمل المخابراتي، وجاءت المواقف بينه وبين لورا هدوك في السجن أثناء زياراته لها كما لو كانت حوارات بين عميلة للمخابرات وطالب ثانوية يتميز بالخفة والسطحية.

لم يكن سنتينيو الوحيد الذي سقط سهوا في العمل، بل سبقته صديقته السابقة التي حاول المؤلف بكل السبل أن يحفر لها دورا حقيقيا في العمل، فصنع نوعا من المط والتطويل بإضافة شخصيتي والدها ووالدتها.

لعبة لورا

استطاعت ماكس بيلادزي (لورا هدوك) أن تخطف بطولة العمل من نواه سنتينيو بأداء رائع وقدرة مدهشة على التجسيد، حيث قدمت شخصية امرأة روسية تعمل جاسوسة للمخابرات الأميركية وتنتمي للعصابات الروسية، وتتصف بالعنف والذكاء.

جاء بناء شخصية ماكس بيلادزي متماسكا إلى حد كبير، مما جعل الأداء محكما، لكن قدرة لورا هدوك على تجسيد الشخصية التي أرسلت تهديدا للمخابرات الأميركية إن لم تتم تبرئتها في جريمة قتل وحشية تبدو واضحة عبر أداء شفاهي وبصري مخيف.

https://www.youtube.com/watch?v=os_BEr89WtY

حين يستجيب أوين هندرسون لرسالة التهديد، يبدأ المسلسل فعليا، لنشهد شخصية ماكس القادمة من عالم العصابات والتي تحمل حزنا دفينا نتيجة ميلودراما حقيقية تتكشف في نهاية العمل، إذ نكتشف أن ابنتها التي أودعتها حبها وأحلامها هي الخصم الرئيسي لها.

أدت لورا اللهجة الروسية في الحديث بالإنجليزية ببراعة، كما ساعدتها ملامحها الحادة على التعبير في لحظات الصمت، وخاصة في المواقف التي يختلط فيها العمل المخابراتي والمشاعر.

لورا هدوك ممثلة بريطانية صاعدة اشتهرت من خلال فيلم “حراس المجرة ” بجزئيه عامي 2014 و2017، وأيضا فيلم “ترانسفورمرز: الفارس الأخير 2017”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى