اليمين الإسرائيلي والمحافظون في طهران.. خبراء إيرانيون يستشرفون توترا إضافيا في المنطقة | سياسة
مراسلو الجزيرة نت
طهران- لم تتوقف لغة التهديد والوعيد بين طهران وتل أبيب منذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 حيث رفضت الجمهورية الإسلامية الوليدة الاعتراف بما أسمتها “الغدة السرطانية” وتوعدت باجتثاث “الكيان الصهيوني” خلافا للعلاقات الحميمية التي كانت تربط النظام البهلوي السابق بإسرائيل. ومنذ 4 عقود، باتت إيران في مواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل.
في المقابل، وبالرغم من أن إسرائيل بدأت الألفية الثالثة ببناء جدار الفصل العنصري في الأراضي المحتلة عام 1967 لصد العمليات الفدائية، كما بررت، إلا أن قادتها سرعان ما وجدوا في “الهجوم أفضل وسيلة للدفاع” إذ قام السياسي الليكودي بنيامين نتنياهو بتطبيق هذه الإستراتيجية أكثر من غيره لكسب المعركة ضد طهران.
التهديد والوعيد
منذ عودة نتنياهو إلى الحكم بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عادت معه لغة التهديد والوعيد بمنع طهران من امتلاك سلاح نووي تارة، وشن عملية عسكرية ضد إيران تارة أخرى.
في حين قللت إيران من قيمة التهديدات الإسرائيلية على لسان علي رضا عنايتي مساعد وزير خارجيتها، الذي قال لقناة الجزيرة إن التهديدات الإسرائيلية لا تقلق بلاده، وإنها مستعدة للرد على أي اعتداء.
وبينما صرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، بأن بلاده لا تعير تهديدات الحكومة الإسرائيلية الجديدة أي اهتمام، توعد قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي بـ “رد حازم إذا واجه أي جزء من إيران تهديدا من قبل الكيان الصهيوني”.
في غضون ذلك، أعاد تهديد القائد العام للحرس الثوري، اللواء حسين سلامي، بأن بلاده “ستلاحق العدو في أي مكان في العالم إذا تعرضت السفن الإيرانية في البحار لأدنى اعتداء” الاغتيالات والهجمات السيبرانية وحوادث الناقلات إلى الأذهان. في وقت حذر مراقبون إيرانيون من تداعيات تقابُل اليمين الإسرائيلي وحكومة بلادهم المحافظة.
مستقبل مخيف
من جانبه، استشرف الناشط السياسي الإصلاحي، أحمد زيد آبادي، عودة التوتر إلى المنطقة وزعزعة استقرارها مع عودة اليمين المتطرف إلى سدة الحكم في إسرائيل، محذّرا من إمكانية إقدامه على ضرب الاستقرار في بلاده.
وفي تغريدة نشرها على قناته في منصة تليغرام، رأى زيد آبادي أن بلاده ستتأثر بالتطورات في فلسطين المحتلة، واصفا المستقبل بأنه مخيف ومروّع. وتساءل عما إذا كان المجتمع الدولي قادرا على احتواء الأزمة القادمة، على حد تعبيره.
وفي تعليق آخر له بصحيفة “البلد” الناطقة بالفارسية، قال السياسي الإيراني “منطقة الشرق الأوسط على موعد مع عاصفة قادمة عقب عودة نتنياهو إلى السلطة في فلسطين المحتلة”.
وللوقوف أمام التوتر المحتمل الذي قد يطرأ على الصراع المتواصل بين طهران وتل أبيب، توجهت الجزيرة نت بالسؤال إلى الباحثة السياسية فاطمة خوش نيت، التي عبرت عن خشيتها من انزلاق الأمور إلى مواجهة مباشرة في ضوء تقابل التيار المحافظ في بلادها واليمين الإسرائيلي المتطرف.
وتوقعت خوش نيت أن تعزف حكومة نتنياهو على وتر سياسة التخويف من إيران بغية توسيع “اتفاقات أبراهام” (التطبيع) بالمنطقة في إطار جهودها الرامية إلى مد النفوذ في جوار إيران لمحاصرتها، مستبعدة أن تقدم تل أبيب على مغامرة حقيقية ضد طهران رغم التهديد بذلك.
توتر إضافي
من ناحيته، يعتقد الباحث في الشؤون الإسرائيلية، مجيد صفا تاج، أن عودة اليمين الإسرائيلي المتطرف للحكم ستزيد من وتيرة التوتر في المنطقة بأسرها لا سيما مع الجمهورية الإسلامية، مضيفا أن بلاده تعمل باستمرار على تعزيز قدراتها العسكرية للرد على التهديدات الإسرائيلية.
ولدى إشارته إلى التدريبات الإسرائيلية الأخيرة التي تحاكي قصف المفاعلات النووية الإيرانية، أوضح صفا تاج -في حديث للجزيرة نت- أن الجيش الإيراني تدرّب خلال مناورات “ذوالفقار 1401” مطلع الأسبوع الجاري على قصف قاعدة إيلات البحرية في فلسطين المحتلة.
وقال الباحث الإيراني “خلافا للحكومة الإيرانية السابقة التي كانت تحرص على عدم التصعيد في المنطقة، فإن السلطات الإيرانية الثلاث أصبحت على قلب رجل واحد إلى جانب القوات المسلحة، والتيار المحافظ مصمم على الرد علی أي مغامرة إسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية”.
وكشف صفا تاج عن “جهود تبذل في سبيل تسليح الضفة الغربية” قد تتضاعف ردا على “مغامرات” حكومة نتنياهو ضد طهران. وتوقّع أن يصعّد اليمين الإسرائيلي من مساعيه الدولية لإفشال الوساطات الإقليمية والدولية الرامية إلى إنقاذ الاتفاق النووي.
وخلال السنوات الماضية، تعرّضت ناقلات نفط وسفن تجارية لهجمات استخدمت فيها طائرات مسيرة وألغام بحرية، كما تم استهداف سفينة إيرانية واحدة على الأقل بلغم لاصق (عبوة ناسفة) بالبحر الأحمر. وتبادلت إيران وإسرائيل الاتهامات بشأنها، إلى جانب عمليات القرصنة والهجمات المتواصلة بين الجانبين.