أفغانيات يتحدثن للجزيرة.. احتجاجات مكبوتة على قرار طالبان إغلاق الجامعات أمام الفتيات | سياسة
كابل- ما تزال الشابة الأفغانية هادية وحيدي تحت تأثير الصدمة التي خلفها قرار الحكومة في بلادها إغلاق الجامعات الحكومية والخاصة بوجه الطالبات. وهي على وشك إنهاء سنتها الجامعية الأولى في دراسة الطب.
تقول وحيدي للجزيرة نت “عندما سمعت الخبر لم تصدقه أذناي، كان صادما لي ولجميع زميلاتي”. وعن مستقبلها بعد حرمانها من التعليم، قالت “لا أفكر بمغادرة بلدي لأن وضعي المالي لا يسمح بذلك، لكن زميلاتي يفكرن بصورة جدية بذلك لإكمال دراستهن خارج أفغانستان”.
واختارت وحيدي دراسة الطب لتحقيق حلمها بخدمة شعبها “الذي يحتاج الطبيبات كما الأطباء”، وأضافت “لكننا نعاني من التمييز”. وطالبت المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب الطالبات الأفغانيات كي يتجاوزن “هذه الأزمة”.
وقالت “على طالبان أن تراعي حقوقنا المشروعة وتتراجع عن القرار”. مضيفة “لم يأتِ في القرآن الكريم أن الفتيات لا يستطعن الدراسة إلا للصف السادس، يجب عليهم احترام حقنا في التعليم، فنحن الآن كالمعتقلين في بيوتنا ونمرّ بوضع نفسي صعب”.
احتجاجات بعيدا عن أعين الأمن
وقررت الحكومة الأفغانية بزعامة حركة طالبان، الثلاثاء، إغلاق الجامعات الحكومية والخاصة أمام الطالبات، دون إيضاح الأسباب. وتأتي هذه الخطوة بعد نحو 16 شهرًا من عودة الحركة إلى السلطة في كابل.
وقدم 18 أستاذًا جامعيًّا استقالاتهم على خلفية إغلاق الجامعات في وجه الفتيات، ويتوقع أن تزداد حالة الغضب في السلك التعليمي باستقالات أخرى في الأيام المقبلة.
والقرار وإن كان مفاجئًا لدى شريحة واسعة من الشعب الأفغاني، فإن بعض الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان توقعنه حسب قولهن، ومنهن زهرة كاظمي، التي قالت إن إغلاق طالبان المدارس قبل سنة أمام الفتيات كان تهيئة لإغلاق الجامعات.
ونظمت طالبات جامعيات تضررن من القرار ومدافعات عن حقوق الإنسان وقفة احتجاجية في مكان بعيد عن أعين الأجهزة الأمنية تنديدًا بقرار الحكومة الأفغانية، بحضور عدد من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية.
وقالت كاظمي للجزيرة “أردنا أن نتظاهر في الشارع، لكنهم لم يسمحوا لنا، لذلك احتججنا هنا في هذا المكان المغلق، خوفًا من الملاحقة الأمنية”.
ورددت المشاركات في الاعتصام شعارات تندد بالقرار الحكومي، ورفعن يافطات تطالب طالبان بالتراجع عن إغلاق الجامعات بوصفه “كارثة على مستقبل البلاد”، وذلك بعد منعها تدريس الطالبات من الصف السادس وحتى الثانوية العامة.
“مفهوم خاص بطالبان”
ولم تعلّق الحكومة الأفغانية أو تبرر قرار إغلاق الجامعات أمام الفتيات، لكن مراقبين سياسيين يذكرون بأن الحركة فعلتها سابقًا في حكمها الأول للبلاد في الفترة بين 1996 وحتى 2001.
ويقول المحلل السياسي المقرب من الحكومة الأفغانية حمد الله صميم للجزيرة “نحترم قرار الإمارة الإسلامية بإغلاق المدارس والجامعات، لكن عندما ننظر من الناحية الشرعية فإن التعليم العصري ضرورة للشعب الأفغاني، وعلى الإمارة أن تراجع قرارها، وأن تفتح أبواب المدارس والجامعات أمام الفتيات”.
ويستبعد محللون سياسيون أفغان أن يكون القرار ورقة سياسية من حركة طالبان للضغط على المجتمع الدولي للاعتراف بها أو بحكومتها أو للإفراج عن أموال أفغانستان المجمدة في واشنطن وأوروبا؛ فقد قامت الحكومة أيضًا بإغلاق المدارس الدينية الخاصة بالفتيات في عموم أفغانستان والممولة من خزينة الدولة.
ويعتقد هؤلاء أن الحكومة الأفغانية تنطلق من مفهوم ديني خاص بها لا يتفق مع آراء جمهور علماء المسلمين. وذكرت مصادر في طالبان أن أربعة من أهم القيادات المقربة لزعيم حركة طالبان هم وراء إغلاق مدارس البنات والجامعات.
تأييد واسع لم يُطبق
وحسب الإحصاءات الرسمية، يصل عدد الطلبة في الجامعات الحكومية والخاصة إلى نحو 500 ألف، ثلثهم من الفتيات. بينما تستوعب الجامعات الخاصة نحو 200 ألف طالبة. وفي أفغانستان 40 جامعة حكومية، ونحو 140 جامعة خاصة، منها 48 في العاصمة كابل وحدها.
ومع وصول حركة طالبان إلى السلطة، أغلقت نحو 40% من الجامعات الخاصة لأسباب قيل إنها مالية، بينما تشير بعض المصادر إلى أن مما آلت إليه الأمور من رفض تعليم الفتيات هو السبب في إعلان إفلاس الجامعات.
ونددت الأمم المتحدة ودول عدة بالقرار، مطالبين الحكومة الأفغانية بالرجوع عنه وفتح أبواب الجامعات والمدارس أمام الفتيات.
وحاولت الجزيرة أخذ رد من الحكومة الأفغانية حول إجراءاتها الأخيرة لكن دون جدوى. لكن معلومات مؤكدة تقول إن القرار لا يحظى بتأييد داخل حركة طالبان، فاجتماع ما يسمى “اللويا جيرغا” (بمثابة مؤتمر عام للحركة) الذي حضره نحو 3500 شخص معظمهم من مؤيدي طالبان، قبل نحو 5 أشهر، كانت نسبة التصويت فيه لعودة الفتيات للمدارس أكثر من 95%، دون تنفيذ القرار أو حتى نشر نسبة تأييده.