حلول من خارج الصندوق.. القطري محسن الشيخ يحول الأفكار إلى اختراعات تخدم المجتمع | منوعات
الدوحة- لم يكن المواطن القطري محسن الشيخ يعلم أن الوقت الذي يمضيه في تفكيك الألعاب وإعادة تركيبها، وإصلاح تلك التي تعطلت سيكون سببا في حبه وشغفه بمجال الإلكترونيات التي خلقت منه شخصا مختلفا في التعامل مع الواقع، ومخترعا يخدم وطنه بحلول ومشاريع هادفة.
مدة زمنية قليلة قضاها الشيخ في تعلم الكمبيوتر حتى برع فيه خلال المرحلة الثانوية؛ كانت كافية لتعلقه بالتكنولوجيا ومنحه القدرة على ابتكار حلول متفردة تخدم مجتمعه مثل جهاز “أوكسي للتبريد” الحائز لجوائز عالمية، ليصبح أحد أبرز المخترعين في قطر والعالم العربي.
ورغم إكماله دراسته في مجال علوم البيئة وتخرجه بدرجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف من جامعة برادفورد البريطانية، فإن تخصصه في مجال الآلات الدقيقة بعمله في “قطر للبترول” ساعده كثيرا ومنحه الفرصة في تغيير مجاله ودراسة الإلكترونيات.
طابعة الشيكات
يقول الشيخ -في حوار مع الجزيرة نت- إن لديه كثيرا من الاختراعات والحلول التي ابتكرها من حاجة المجتمع ومواقفه الشخصية في الحياة، بعضها خرج إلى النور وعرفه الناس، وبعضها في طور التجربة والتطوير، كما انتهى من بعض ابتكاراته وسيسوّقها قريبا.
ويضيف أن أول اختراعاته “طابعة الشيكات”، التي جاءت فكرتها من معاناة شخصية عندما كان يشتري عقارا في تركيا، وطلب منه ملء نحو 100 شيك، وكان الأمر مرهقا جعله يفكر بإيجاد البديل المناسب، حتى توصل إلى هذا الاختراع بعد محاولات.
اختراع “طابعة الشيكات” تقوم فكرته على إدخال الشيك في جهاز بحجم كف اليد، يعمل مسحا ضوئيا للشيك فيتعرف على شكله وأماكن خانات ملء البيانات، ثم يكتب الشخص البيانات بدقة في التطبيق الخاص بالجهاز الذي يمكن تثبيته على الهواتف الذكية والكمبيوتر، ليقوم بالتعرف على قياسات وشكل الشيك أوتوماتيكيا، ويحول قيمة الشيك من أرقام إلى أحرف بدقة، مع كتابة اسم المستفيد وتاريخ تحرير الشيك من دون أخطاء.
الشيخ انخرط في مجال الاختراعات فعليا قبل 11 عاما؛ يوضح أن مشاركته في معرض جنيف للابتكارات عام 2016، وحصوله على الميدالية الذهبية عبر اختراع “طابعة الشيكات” كان نقلة تاريخية في حياته، بخاصة أنه منحه الدعم من الأهل، وجعل الجميع يؤمن به ويثق بقدراته.
وجهاز “طابعة الشيكات” في طور التطوير النهائي مع إحدى الشركات الآسيوية من أجل إنتاج أول جهاز نموذجي يعمل بشكل فعلي.
جهاز أوكسي
ابتكارات الشيخ (46 عاما) لم تقف عند ذلك، فقد دفعته معاناة أطفاله عند استخدام المياه ذات درجات الحرارة المرتفعة في صيف عام 2017 إلى البحث عن حل لهذه المشكلة وابتكار جهاز “أوكسي” لتبريد مياه الخزانات، في ظل معاناته من استخدام أجهزة أخرى، تعتمد على مواد سامة وينتج عنها أضرار صحية جسيمة.
ويشير إلى أن جهاز أوكسي صُمّم بطريقة احترافية في بداية عام 2018، بحيث يعتمد على تقنية تتحكم بدرجات الحرارة، فضلا عن التنبيه إلى درجة حرارة مياه الخزان، حيث تكون درجة حرارة المياه باردة نسبيا في الصيف الحار وتتراوح بين ٢٨ إلى ٣٠ درجة مئوية.
ويعدّ جهاز أوكسي أفضل حل بيئي واقتصادي للدولة، إذ يتميز بأنه يقلل من نسبة خروج بخار الماء من الخزان، ومن ثم يحافظ على خفض الفقد في استهلاك المياه والكهرباء معا، خاصة في ظل حاجته إلى 12 فولتا فقط للتشغيل مع إمكانية العمل بالطاقة الشمسية، فضلا عن سهولة التركيب والتشغيل حيث يعتمد على حركة ميكانيكية تناسب جميع الخزانات.
فراش التبريد الصحراوي
وحصد جهاز “أوكسي” لتبريد مياه الخزانات جوائز عالمية، أولها في عام 2017 بنيله الميدالية الذهبية في معرض الشرق الأوسط للاختراع في الكويت، ثم في العام نفسه أحرز الميدالية الذهبية في المعرض الدولي للاختراع في ماليزيا “إيتيكس”، بعدئذ حقق الميدالية الذهبية في معرض جنيف الدولي للاختراع عام 2018، كما نال الميدالية الذهبية ودرع بطولة كأس العالم 2022 للبحث العلمي والاختراعات التي أقيمت في تونس.
وسيكون جهاز “أوكسي” متاحا في الأسواق بحلول مايو/أيار 2023، في ظل العمل الجاري للانتهاء من المصنع المخصص له، حيث تم التعاقد مع شركة محلية للحصول على 3 آلاف جهاز خلال 3 سنوات، فضلا عن التسويق الجيد للجهاز في ظل طلبات شراء الجهاز المسبقة، وفقا للشيخ.
وعلى غرار جهاز “أوكسي”، اخترع الشيخ في ورشته الخاصة التي يقضي فيها ساعات كثيرة يوميا جهاز “فراش التبريد الصحراوي”، وهو يستخدم فيه الفكرة نفسها مع إمكانية التحكم في درجة حرارة الفراش حسب الأجواء، بما يتناسب مع حرس الحدود، وكذلك مع عمليات التخييم، لكنه لم يُصنع بعد.
المخترع القطري محسن الشيخ
والحديث عن مشاركته في بطولة “كأس العالم 2022 للبحث العلمي والاختراعات”#برنامج_تراحيب#قناة_الريان pic.twitter.com/SQgBiW9Ltw— قناة الريان الفضائية (@AlrayyanTV) September 11, 2022
منصة “محلات”
من ابتكارات الشيخ أيضا منصة “محلات” الرائدة التي تهدف إلى حل مشكلة بيئية وصحية في وقت واحد، حيث تعمل على تقليل نسبة التلوث والمحافظة على صحة الإنسان.
ويرى الشيخ أن “محلات” منصة خدمية تقدم حلولا مبتكرة لتقليل المخاطر الصحية للمخلفات، من خلال تنبيه البائع والمستهلك بتاريخ انتهاء صلاحية المنتجات فتُستهلك في الوقت المناسب، إلى جانب تنظيم وتسهيل فرز المخلفات المنزلية.
كما تقدم المنصة خدمة لأصحاب المحلات التجارية وعملائها من خلال تسجيل محتويات المحلات من البضائع في المتجر، وتمكين المستهلكين من التعرف على احتياجاتهم بسهولة، إلى جانب حلول مبتكرة لخدمات التوصيل.
المنصة بدأ الشيخ العمل فيها قبل 3 سنوات وانتهى من 80% منها، ويسعى بالتعاون مع شركات محلية لتدشين هذه المنصة في مطلع العام القادم، حسب قوله.