طفلك يعاني من رهاب القطط.. إليك الحل | مرأة
عمان – تبدو القطط لكثير من الناس كائنا لطيفا يمكن اللعب معه والضحك على بعض تصرفاته، كما أنها من الحيوانات الأليفة التي يرغب الأطفال باقتنائها داخل المنزل.
ويعدّ الخوف من الحيوانات خوفا طبيعيا، بالمقابل فهناك بعض الأطفال الذين يشعرون بخوف زائد من الحيوانات يبلغ في بعض الأحيان حدّ الرعب، ويمكن أن يسبب لهم مشاكل نفسية.
ولتسليط الضوء على هذا الخوف أو “رهاب القطط” أو “اليوروفوبيا” لدى الأطفال، حاورت “الجزيرة نت” اختصاصيين للإفادة بآرائهم وخبراتهم، كما نقلت حالات أطفال لديهم رهاب القطط.
طفلتي تكره القطط
“عندما أرى قطة أشعر بأنها نمر”، بهذه الكلمات عبرت الطفلة حنين (12 عاما) عن كرهها للقطط وخوفها الشديد منها، مبينة أنها تشعر بالدهشة عندما ترى الآخرين يداعبون القطط، وتبدو السعادة واضحة على وجوههم.
تقول والدة حنين “منذ الصغر تخشى ابنتي القطط، وترتبك بل تركض في الشارع عند رؤيتها، وفي إحدى المرات كادت أن تصدمها مركبة، لولا رعاية الله وفضله”.
وتضيف الأم أن حنين تتجنب زيارة صديقاتها اللواتي يحتفظن بقطط في منازلهن، وإذا اضطرت إلى الذهاب تؤكد لصديقتها ضرورة بقاء القطة في إحدى غرف المنزل لحين مغادرتها.
وليس حال الطفلة ليان (10 أعوام) أفضل، إذ تعلق والدتها بالقول “تتوتر صغيرتي وتصرخ في بعض الأحيان عندما تمر بجوارها قطة في الشارع، ومهما حاولت تخفيف الأمر، إلا أنها تلتصق بي كأنها ترى شبحا”.
وتذكر والدة ميرال (8 أعوام) أن ابنتها تخشى رؤية القطط في أي مكان، موضحة أنها تتفهم شعورها جيدا، لأنها عانت الأمر ذاته في طفولتها، ولكن بمرور الوقت تجاوزت الأم تلك المخاوف، ومع ذلك لا ترغب بمشاهدة أي قطة.
أفعال تجنبية عند الطفل
يعرف الاستشاري النفسي والأسري الدكتور عاطف القاسم شواشرة، رئيس جمعية العلوم النفسية بالأردن، رهاب القطط (Ailurophobia) عند الأطفال بأنه حالة من الرعب والخوف المستمر غير العقلاني مصحوبة بقلق شديد ينتاب الطفل من القطط، بالإضافة إلى الشعور بالضيق وزيادة ضربات القلب والتنفس بصعوبة والإحساس بالدوار والغثيان والاضطرابات المعوية، مما ينتج عنه أفعال تجنبية عند الطفل وعدم القدرة على رؤية القطط ومواجهتها.
ويضيف الدكتور شواشرة “يمكن تفسير هذا الخوف غير المنطقي بتضخم الشعور السلبي المبني على توقع هجوم القط على الطفل وإيذائه أو خرمشته؛ إما لخبرة سلبية، أو تجربة مخيفة سابقة مع قطة، أو انتقال تصور ذهني سلبي من خبرة سابقة لقطة مع أحد الوالدين أو الإخوة، أو مشاهدة فيلم أو نموذج واقعي لهذا السلوك أو نوع من الحساسية والتيقظ الزائد عن الحد الطبيعي للحذر من هذا الهجوم”.
ويكمل “ويمكن تفسيره أيضا بصورة القطط كمخلوق، بما ترسمه الروايات والخرافات الشعبية التي تربط القطط بالجن والشياطين أو السحر والأرواح الشريرة، وهذا يجعل ردة فعل الطفل المشاهد لها قوية كأنها نوبة من الذعر”.
تقليل الحساسية التدريجي
ويوضح الاستشاري شواشرة أن علاج هذا الرهاب ممكن باستخدام العلاج النفسي السلوكي من خلال آلية “تقليل الحساسية التدريجي” برصد هرم مخاوف الطفل، وذلك بجعله يبدأ بالاقتراب من القطط تدريجيا بدءا بالصور والفيديوهات، ثم الانتقال إلى الواقع ببطء من خلال تقليل المسافة بين القط والطفل.
ويضيف أنه يمكن استخدام تقنيات أخرى، كالاسترخاء والتخيل والعلاج المعرفي السلوكي الذي يقوم على تعديل فكرة الطفل عن القطط، وتعزيز البناء المعرفي بالتصورات الصحيحة، كذلك يمكن إعطاء الأطفال بعض الأدوية الطبية المهدئة من قبل الطبيب النفسي.
الخوف يتلاشى كلما كبر الطفل
ومن جهتها، تقول الاختصاصية النفسية والتربوية الدكتورة رولا أبو بكر “عادة يظهر الخوف من الحيوانات في العام الثالث من عمر الطفل، ويظل شائعا حتى العام الثامن أو التاسع من عمره، ويبدو أن هذا الخوف يتلاشى بعض الشيء كلما كبر الطفل، ولكنه لا يختفي تماما”.
وتبيّن أن الطفل يكتسب هذا الخوف من الوالدين، إذا كان أحدهما أو كلاهما لديه مخاوف من أشياء محددة، كالخوف من القطط، “فقد يقوم الطفل باكتسابها بتقليد سلوكهم وردود أفعالهم إزاء ما يخافون منه، وقد يستخدم الطفل هذا الخوف لجذب الآخرين واستعطافهم”.
ولا ننسى القصص الخيالية التي يرويها الأهل لأطفالهم أو يتناقلها الأقران فيما بينهم، أو من خلال أفلام الرعب عن قصص الحيوانات الأليفة، وتحويلها إلى وحوش، كل ذلك يسهم في خلق ذلك النوع من الخيال الذي يشكل الخوف لدى الأطفال، وفق الدكتورة أبو بكر.
وتذكر من أهم الأسباب تعرض الأطفال لخبرات غير سارة، “فالطفل الذي يمر بتجربة غير سارة مع قطة قد يقوم بتعميم هذه الخبرة على القطط كافة بخوفه من الأذى الجسدي من عض أو خرمشة القطط له أو مشاهدة شخص آخر تعرض لأذى القطط، وإذا ما استمر هذا الخوف الشديد من القطط فإنه يمتد حتى الكبر وتتكون لديه فوبيا القطط”.
المواجهة بدلا من الهرب
وتنبه أبو بكر إلى أن العامل الحاسم في الإصابة بفوبيا الحيوانات لا يتمثل في مدى خطورة الشيء حقا، ولكن “في مدة الخطورة التي تعتقدها الأميجدالا (اللوزة الدماغية) عنه، ويربط هذا الجزء البدائي من المخ بشكل انعكاسي للأشياء والمواقف بالخوف، من دون أي تحليل منطقي للخطر الفعلي”.
وتشير الدراسات والإحصائيات إلى أن الإناث أكثر عرضة للإصابة من الذكور، كما أن أكثر مرحلة عمرية رُصدت الإصابة فيها كانت دون عمر 18 عاما، ويعدّ الأطفال الأكثر عرضه لهجوم القطط، وذلك لجهلهم بطريقة الحمل الصحيح للقطط، ومن ثم يتعرضون للهجوم عندما يلعبون معها أو يحملونها بالخطأ، وفق أبو بكر.
ولتخليص الطفل من هذا الشعور، تقترح أبو بكر جعله يعتاد القطط تدريجيا سواء بعرض صورة أمامه أو عرض شريط فيديو أو بسرد الحكايات اللطيفة، ليبدأ الطفل بتقبل هذا الحيوان تدريجيا واعتياده.
وتقول إن هناك طريقة أخرى لعلاج خوف الطفل، تتمثل في المواجهة بدلا من الهرب منها وتجنبها، وهي طريقة “الإشراط المضاد”، كأن يشجع الطفل على أن يرسم القطة التي يخاف منها أو أن يجمع الأب أو الأم بين الطفل والحيوان في مكان واحد، ويبدأ بملاعبة ذلك الحيوان، وملاطفته بطريقة توحي للطفل بالأمان.
وتنصح الوالدين بأن يدفعا الطفل إلى مراقبة تعامل غيره من الأطفال مع القطط، فبعض الأطفال يقتنعون من خلال الملاحظة بأن خوفهم لا مبرر له.
وأخيرا، إن حالة الخوف تعدّ أمرا طبيعيا يمر به معظم الأطفال، ولكن ينبغي تجنب المجاهرة بهذا الخوف أمام الطفل نفسه، حتى لا يرسخ في ذهنه أن هذا الشعور حقيقة، كما أن من الضروري عدم الاستهزاء بمشاعره حتى إن بدا الأمر سخيفا، “فهذا شعور سيقلل من تقدير الطفل لنفسه، ويقف حاجزا أمام معالجة المشكلة وتخطيها”، وفق الدكتورة أبو بكر.
ما أسباب الخوف من القطط؟
السبب الدقيق لرهاب القطط غير واضح، وقد يختلف من شخص إلى آخر، وينبع من عوامل مختلفة، وفق ما نشر موقع “سايك سنترال” (PsychCentral)، وتشمل هذه العوامل:
- الوراثة: غالبًا ما ينتشر الرهاب واضطرابات القلق الأخرى بين أفراد العائلة الواحدة، فقد وجدت الدراسات التي أجريت على التوائم أن الرهاب قائم بنسبة 30%-40%.
- تجربة سيئة سابقة مع القطط: قد يصاب الشخص الذي تعرض للهجوم من قطة في مرحلة الطفولة.
- كيمياء الدماغ أو الدوائر المختلة: أثبت بحث في عام 2017 أن اضطرابات القلق، مثل اضطراب ما بعد الصدمة والرهاب المحدد، قد ينجم عنها خلل في دوائر الدماغ وفوبيا من شيء ما، كما أن 83% من الأفراد المصابين بفوبيا واحدة هم أكثر عرضة للإصابة بأنواع أخرى من الفوبيا.
- وجود أحد بين أفراد الأسرة المقربين مصاب برهاب اليوروفوبيا: إذا كان الوالد أو الوالدة يشعران بخوف شديد من القطط، فربما يكون الطفل قد تعلم هذا الخوف من أحدهما.
متى تطلب المساعدة؟
على الأهل البحث عن معالج أو طبيب نفسي، إذا كان رهاب اليوروفوبيا يتعارض مع الحياة اليومية للطفل.
على سبيل المثال، إذا لم يتمكن الطفل من زيارة منزل أفضل صديق له، بسبب وجود قطة، فإن البحث عن علاج للفوبيا يمكن أن يحسن نوعية الحياة.
وعلى النقيض من ذلك، فإن تجنب القطط باستمرار يمكن أن يجعل خوف الطفل أسوأ، فإذا خرج وواجه واحدة في الشارع بالخطأ فقد يؤدي ذلك إلى نوبة هلع.