العاصمة الأولى لـ «المملكة».. الدرعية شاهد على انطلاق الدولة السعودية
موقعي نت متابعات السياحة والسفر:
على خلفية احتفال المملكة باليوم الوطني السعودي 92، لا بدّ من إلقاء الضوء على أهم المدن في المملكة، ومنها الدرعية.
وتُسلِّط مدينة الدرعية التاريخية الضوءَ على أكثر من 300 عام من الثقافة والتاريخ الأصيل للمملكة العربية السعودية، بتاريخ زاخر بالملاحم البطولية، وماضٍ ضارب بجذوره في عمق التاريخ، وأول انطلاقة للدولة السعودية، فرغم تطاول ناطحات السحاب، وانتشار النمط العمراني الحديث في معظم بقاع المملكة، فإن العراقة جزء أصيل متمكِّن ومتجذر بين ثنايا البلاد.
أخبار متعلقة
في الدرعية تستطيع أن ترى الأزقة الملتوية والبيوت الطينية المنخفضة والأبواب الخشبية الثقيلة، إنها مهد الدولة السعودية الأولى، وملتقى قوافل الحجاج والتجار والحاضنة لأكبر مشاريع إحياء التراث في المملكة.
تأسيس الدرعية
تأسَّست الدرعية على يدي الأمير مانع بن ربيعة المريدي عام 850هـ / 1446م، الجد الثاني عشر للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله- والجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والجد الرابع عشر لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله- على أطراف الرياض وضفاف وادي حنيفة.
وتمتاز بطرازها المعماريّ الأثريّ وجدرانها الطينية المقوسة، ليخلّدها التاريخ كأحد أهم محاضنِ الثقافة والتجارة في المملكة، فتأسيسها كان نقطة تحول سياسية في السعودية، لأن الدرعية أول تطبيق لنظرية الدولة المدينة المهيأة للامتداد مع الأيام، بعد امتداد طويل لدولة المدينة في منطقة شبه الجزيرة، حيث كانت يثرب في بداية هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إليها مثالًا واضحًا للدولة المدينة.
الدرعية العاصمة الأولى
اختار الإمام محمد بن سعود الدرعية عاصمة للدولة السعودية الأولى عام 1139هـ /1727م، واستمرت كذلك حتى عام 1233هـ / 1818م، لتكون أول حجر أساس لبزوغ فجر المملكة العربية السعودية.
وبعد انتهاء الدولة الأولى تأسَّست الدولة السعودية الثانية على يدي الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود من 1240 – 1309 هـ، ثم تأسست المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز آل سعود -رحمهم الله جميعًا- عام 1319هـ / 1902م والتي تشهد اليوم تطوّرات واسعة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ومساندة عضده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظهما الله .
طراز معماري فريد
تعتبر الدرعية مثالًا حقيقيًا لطراز البناء النجدي الأصيل الذي يتكيّف مع المناخ الخاص للمنطقة، التي شيد معظمها من الطوب، والجدران والحوائط من اللبن، بالإضافة إلى استخدام جذوع النخل في الأسقف.
وما زالت الدرعية تضم معظم المباني الإدارية للدولة السعودية الأولى، مثل قصر سلوى الذي تأسس أواخر القرن الثاني عشر الهجري، بالإضافة إلى مسجد الإمام محمد بن سعود، في حي الطريف بسمحان.
كما أنها ما زالت تحتضن حي البجيري، منارة العلم والعلماء في عهد الدولة الأولى، وفيه مسجد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، إلى جانب حي غصيبة الذي كان مركز الحكم فترة طويلة قبل انتقاله إلى حي الطريف.
واختار الأمير مانع المريدي وأبناؤه وأحفاده الدرعية لموقعها الجغرافي الفريد، كونها منطقة مفترق طرق تجارية ما بين شمال وجنوب الجزيرة العربية، ما أسهم في تعزيز حركة التجارة فيها وفي المناطق المجاورة.
مكانة الدرعة الثقافية
خلال عهد الإمام محمد بن سعود ومَن بعده من الأئمة، أصبحت مدينة الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف، ما زاد من جاذبيتها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية.
إذ تحتضن الدرعية على ترابها معالم أثرية عريقة مثل: حي غصيبة التاريخي، ومنطقة سمحان، و”حي الطريف” أكبر الأحياء الطينية في العالم والذي سُجِّل في قائمة التراث الإنساني بمنظمة اليونسكو، ومنطقة البجيري وسوق الدرعية، إضافة إلى أن النظام المالي للدولة وصف بأنه من الأنظمة المتميزة من ناحية الموازنة بين الموارد والمصروفات.
استرداد الدرعية
بعد إرساء معالم الدولة الأولى، هاجر كثير من العلماء إلى الدرعية من أجل تلقي العلم والتأليف الذي كان سائدًا وقتها، ما أدَّى إلى ظهور مدرسة جديدة في الخط والنسخ.
وبعد انتهاء الدولة السعودية الأولى استطاع الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود أن يسترد الرياض عام 1240هـ/ 1824م بعد سبع سنوات من العمل والكفاح، وعاد الناس للإلتفاف حوله وحول الأسرة المالكة من جديد.
وتمكَّن الإمام تركي من توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية في مدة قصيرة، بفضل استمراره على المنهج الرصين الذي قامت عليه الدولة السعودية الأولى، وهو حفظ الأمن والتعليم والعدل والقضاء على الفرقة والتناحر، وظلَّت الدولة السعودية تحكم المنطقة حتى عام 1309هــ 1891م.
وفي عام 1818 انتهى فصل الدرعية كعاصمة الدولة السعودية، وخلفتها مدينة الرياض عاصمةً للبلاد، لتدخل الدرعية التاريخ كأحد أهم معالم المملكة التراثية المعترف بها من اليونسكو عام 2010.